القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف تغيّر حياتك بثلاث عادات بسيطة؟ ملخص كتاب Eat Move Sleep لتوم راث – كُل، تحرّك، نَم وابدأ حياة صحية متوازنة

 في عصرٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ووسط ضغوط الحياة اليومية، بات الحفاظ على صحتنا الجسدية والنفسية تَحدّيًا كبيرًا.

يعتقد كثيرون أن الصحة الجيدة تُكتسب من خلال قرارات كبيرة أو تغييرات جذرية، لكن الحقيقة أبسط من ذلك بكثير.

هذا الكتاب يُقدِّم لك منهجًا عمليًّا ومبسَّطًا لتحسين حياتك من خلال ثلاث ركائز أساسيّة:
الأكل الجيّد، والحركة المنتظمة، والنوم الكافي.

لا يَعِدُك هذا الكتاب بوصفاتٍ سحرية، بل يُرشدك إلى اختيارات صغيرة ومستمرة، تُحدث فَرقًا كبيرًا مع مرور الوقت، ستجد في صفحاته أفكارًا قابلة للتطبيق، مدعومة بأبحاث علمية وتجارب واقعية، لتمكينك من بناء حياة أكثر توازنًا، وأقل مرضًا، وأكثر إنتاجًا وسعادة.


الأكلُ الصحي، والنشاطُ الدائم، والنومُ الأفضل.

عندما تواظب على تناول الأطعمة الصحيّة، وتتحرّك بنشاط دائم، وتنعم بنومٍ هانئ؛ فإن الفوائد الكلّية التي ستجنيها، تفوق بكثير مجموع نتائج كلٍّ من هذه العادات على حدة.

فلا يكفي الطعام الصحي وحده، ولا ممارسة الرياضة بانتظام فقط، ولا حتى النوم العميق بمفرده للحفاظ على الصحة العامة، وتنشيط الذهن، وإطالة العمر.
ومن الأخطاء السلوكية الشائعة بين الأفراد في مختلف المجتمعات: التركيز على عادة واحدة أو اثنتين فقط من هذه الركائز الصحية الثلاث، أو إعطاء الأولوية لإحداها دون الأخريين.

إن ممارسة هذه العادات في إطارٍ متكامل ومتوازن، هو ما يحقّق النتائج الإيجابية التي يحلم بها كل إنسان.

الطعام، والحركة، والنوم: معادلة متكاملة.

حين تستهلّ يومك بتناول إفطارٍ صحّي، فإنك تقبل بصورة أفضل على استهلاك كميات مناسبة من الطعام، مما يمنحك نشاطًا وحيويةً على مدار اليوم، ويهيّئك لنوم هانئ في نهاية يوم عمل طويل.

وبالمقابل، فإن النوم العميق يعينك على تحقيق التوازن في تناول الطعام، ويمنحك طاقة للحركة والنشاط في اليوم التالي.

والعكس صحيح: إذا أقضَّ الأرق مضجعك، فستصحو بمزاج عصبي، وتبدأ يومك متكاسلًا، وقد تُقبل على المنبّهات والمأكولات غير الصحية.
وبالتالي، فإن اختلال أحد أطراف المعادلة يؤدي إلى اختلال الطرفين الآخرين، فتدخل في دائرة من الوهن والكسل وتذبذب الطاقة وضعف الأمل.

وداعًا للوصفات الغذائية غير الصحية.

لا تنشغل كثيرًا بتعدّد الأنظمة الغذائية الرائجة؛ فأنت لست وحدك من يحتار في الاختيار.
أظهرت استطلاعات رأي حديثة أن ثلاثة من كل أربعة أشخاص يجدون النظم والنصائح الغذائية العصرية صعبة التطبيق، وأحيانًا مستحيلة.

فقد تبين أن تغيير عاداتنا الغذائية أصعب من تغيير عاداتنا المالية والاستهلاكية، بل وأصعب من إدارة شؤوننا المالية.
مما يعني أن معظم الناس يعجزون عن اتّباع عادات غذائية صحية من دون توجيه ومتابعة مستمرة.

إذا كان هدفك خسارة بعض الكيلوجرامات من وزنك، فستجد الكثير من "تقاليع" فقدان الوزن، التي تُحقق نتائج سريعة لكنها مؤقتة.
ينصحك البعض مثلًا بتناول الكعك أو مخفوقات الحليب لبضعة أيام، أو الاكتفاء بالخضار والفواكه لأسابيع. قد تُسهم هذه الحميات في فقدان الوزن سريعًا، لكنها تضر بصحتك العامة على المدى البعيد.

كما أن تقليل السعرات الحرارية وحده لا يكفي.
فقد أثبت خبراء التغذية أن السعرات ليست متساوية من حيث القيمة الغذائية، وبالتالي فإن الاعتقاد السائد بأن الاعتدال في تناول أي نوع من الطعام هو سلوك مثالي، اعتقاد خاطئ.

وأظهرت دراسة أجراها مختصو التغذية في جامعة "هارفارد" على مدى عقدين، وشملت قرابة مائة ألف شخص، أن نوعية الطعام — لا كميته — هي ما يصنع الفارق في الوزن والصحة.

 

اكتشف الباحثون أنَّ نوع الأطعمة التي نتناولها يؤثّر فينا أكثر من إجمالي السعرات الحرارية.
وبعبارةٍ أدق: نوع الطعام أهم من كمية الطاقة المكتسبة منه.

يقول أحد باحثي جامعة "هارفارد":

"الاعتدال في تناول كافة أنواع الأطعمة عذرٌ غير مقبول، ولا يُسوّغ لنا أن نأكل كل ما نريد."

من المؤكّد أن بعض الأنظمة الغذائية تحتوي على عناصر جيّدة، شريطة أن تكون جزءًا من منظومة غذائية متكاملة.
لذلك، يُنصح بأن تتذكّر كل الحميات الغذائية التي جرّبتها، وأن تستخلص منها أفضل مكوناتها.

وفي معادلة بسيطة، ينصح الأخصائيون — بعد نتائج أبحاث "هارفارد" — بتناول الأطعمة التي تحتوي على نسب قليلة من الدهون، ونسب متوسطة من النشويّات، وأقل نسبة ممكنة من السكّر.

 

القيمة الغذائية لا تُقاس بعدد السعرات الحرارية.
بدلًا من التركيز على السعرات، هناك خيار أسهل: قياس نسبة النشويّات إلى البروتينات.
الوضع المثالي أن يحتوي طعامك على وحدة واحدة من البروتين مقابل كل خمس وحدات من النشويات.

على سبيل المثال، تحتوي رقائق البطاطس والحبوب على نسبة 10:1 من النشويّات إلى البروتينات، وهي نسبة غير مثالية.
أما التوازن الجيّد في النشويّات والبروتينات، فيُعد مصدرًا ممتازًا للطاقة، ويُعزّز الصحة العامة على المدى الطويل.
ولأن توازن هذه النسبة يُعتبر مقياسًا فعّالًا للقيمة الغذائية، فهو الضمان الأفضل لتفادي الإفراط في تناول النشويّات.

 

المعدة الخاوية طريق إلى الهاوية.

كلما زاد شعورك بالجوع، زاد اندفاعك نحو الأطعمة غير الصحية.
فعندما تكون المعدة خاوية، تقل نسبة الأنسولين في الدم، مما يزيد رغبتك في تناول:
"
الهمبرجر"، و"البيتزا"، و"الآيس كريم"، و"الحلويات"، و"النشويّات".

عبر استخدام الرنين المغناطيسي لفحص الدماغ، اكتشف الباحثون أن الجسم يتوجّه إلى تعويض نقص السكر في الدم عبر اختيار الأطعمة عالية السعرات.
وقد أظهرت تجربة أُجريت على طلاب صاموا من ظهيرة يوم حتى مساء اليوم التالي، أن إقبالهم على البطاطس المقلية كان ضعف من تناولوا وجباتهم بشكل طبيعي.

أما الطلاب غير الجائعين، فبدأ معظمهم وجبتهم بالخضروات.

 

تجنّب الكسل.

التخلص من الكسل المزمن أهم من ممارسة الرياضة لفترات قصيرة.

فقد أظهرت دراسة للمعهد القومي للصحة — شملت أكثر من 240 ألف بالغ على مدى عشر سنوات — أن ممارسة التمارين وحدها لا تكفي.
حتى مَن مارسوا الرياضة المعتدلة أو القوية لسبع ساعات أسبوعيًا، لم يجنوا الفوائد الصحية المتوقعة، إذا قضوا باقي وقتهم في الجلوس.

النتائج صادمة:
أكثر الأشخاص نشاطًا — ممن مارسوا الرياضة لأكثر من سبع ساعات أسبوعيًا — أمضوا أغلب يومهم جالسين، مما ضاعف من معدلات الوفاة بسبب أمراض متنوّعة.

فرغم أهمية الرياضة، إلا أنها لا تُقلل من مخاطر الجلوس الطويل:

تجلس لتناول الإفطار ومشاهدة الأخبار، ثم تقود سيارتك أو تركب القطار، ثم تعمل جالسًا من 8 إلى 10 ساعات، ثم تعود إلى البيت، لتجلس مجددًا لتناول العشاء، ثم تمضي ساعة أو أكثر أمام التلفاز، ثم... إلى السرير.

قد يتخلل ذلك بعض الحركة، لكن الحقيقة أن أغلب ساعات يومنا تمر جالسين، وكلما زادت هذه الفجوة بين الجلوس والنشاط، زادت معها المخاطر الصحية.

 

تحرّك قليلاً، تحرق كثيراً.

يزيد الجلوسُ من ترهُّل الجسم.
أظهرت أشعةُ الرنين المغناطيسي التي أجراها الباحثون على أنسجة العضلات، أن الجلوس لفترات طويلة يُحدث ضغطًا على تلك الأنسجة، ويدفع الجسم إلى إنتاج دهون بنسبة أعلى بـ 7.5% من المعتاد.
هذا يعني أن الضغط المستمر على منطقة معينة من الجسم، يؤدي إلى اتساع رقعة أنسجتها بمرور الوقت.

ولهذا، فإن ممارسة الرياضة وحدها لا تكفي لمنع تراكم الدهون في أجساد من يمضون ساعات طويلة في وضعية الجلوس بلا حراك.

ما هو الحل؟

إذا كنت ممن يجلسون لساعات طويلة دون حركة، اضبط منبّهك ليُذكّرك كل ساعة بأن تنهض من مكانك لتنجز مهمة، ولو بسيطة.
كما يمكنك الإكثار من شرب الماء، أو الشاي الأخضر غير المحلّى، أو القهوة الخفيفة، لتجد نفسك بحاجة إلى الحركة والتنقّل، حتى داخل البيت أو المكتب.


الساعة بسنة.

يؤكّد البروفيسور "أندرز إريكسون"، أستاذ علم النفس بجامعة فلوريدا، أن الفنانين والرياضيين والمتميزين في أي مجال، يحتاجون نحو 10 آلاف ساعة من التدريب المنتظم ليصلوا إلى القمة.
لكنّ الأمر لا يقتصر على التدريب أو الموهبة فقط.

حين أجرى "إريكسون" دراسته الشهيرة عام 1993، اكتشف وجود عامل ثالث بالغ الأهمية في مسيرة التفوق: النوم.

لقد تبيّن أن النخبة من المبدعين ينامون أكثر من غيرهم.
يصل متوسط ساعات نومهم إلى ثماني ساعات وست وثلاثين دقيقة، بينما ينام الشخص العادي من ست إلى سبع ساعات فقط.

وتشير الإحصاءات إلى أن أفضل الطيارين، وأمهر الجراحين، وأنبغ المعلمين، وأعظم القادة ينامون لفترات أطول وبدون تقطّع.
ومع ذلك، نجد أن كثيرًا من هؤلاء يرون أن "الاستيقاظ الدائم" هو سر النجاح، وهذا اعتقاد خاطئ علميًا.

تشير الدراسات إلى أن أكثر من 73% من الموظفين لا ينامون أكثر من ست ساعات يوميًا، وهو ما يؤثر سلبًا على إنتاجيتهم.
بل إن المؤسسات تخسر سنويًا نحو ألفي دولار عن كل موظف لا يحصل على نوم كافٍ.

انخفاض عدد ساعات النوم يؤدي إلى الإعياء، وقلة التركيز، وتدنّي الأداء.
فإذا كنت تطمح إلى النجاح، فلا تسمح لساعات العمل أن تطغى على ساعات نومك.

لقد أثبت البروفيسور "إريكسون" أن المتميزين يتدرّبون أقل، لكن ينامون أكثر.
كما أنهم يحصلون على فترات راحة مدروسة، تضمن تجنّب الإرهاق واستعادة الطاقة، مما يجعل أداءهم في اليوم التالي أكثر تركيزًا.

 

لا تدع النوم يجافيك.
فالانكباب على العمل المتواصل قد يقلّل من جودته.
قَسِّم مهامك إلى فترات متقطعة، وامنح نفسك فترات راحة، ونَم بعمق... فساعة من النوم تُعادل ساعة من الطاقة الإيجابية.

النوم يقي من نزلات البرد.

ليلة واحدة من النوم العميق تُغيّر كيمياء جسمك بالكامل.
فالحرمان من النوم يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وزيادة الالتهابات، ورفع احتمالات الإصابة بأمراض القلب والجلطات.

بكل وضوح، النوم هو اللقاح الطبيعي ضد المرض.

في موسم انتشار الفيروسات، يكون جهازك المناعي بحاجة ماسّة إلى الراحة والنوم.
وعند اضطراب نومك، كأن تسافر وتُرهق، من المهم أن تُخطّط مسبقًا لتحصل على قسطٍ كافٍ من النوم قبل الرحلة وبعدها، حتى تُعزز مناعتك.

 

انهض من مقعدك وتحرّك.

الجلوس هو مرض العصر.
بل إن كثيرًا من الباحثين يعتبرونه أكثر خطرًا من التدخين.

الجلوس لأكثر من ست ساعات يوميًا يُسرّع من وتيرة الوفاة، حتى لو مارست الرياضة أو تناولت طعامًا صحيًا.

كل ساعة تمضيها جالسًا — سواء في السيارة، أو أمام التلفاز، أو في العمل — تستنزف طاقتك وتؤذي صحتك.
فقد أظهرت الدراسات أن استمرار النظام الغذائي الصحي، دون تقليل ساعات الجلوس، يُضاعف معدلات السمنة.

يقول أحد الباحثين في أمراض السكري:

"الجلوس لفترات طويلة خطر صحي مؤكد، تمامًا كالتدخين أو التعرض المفرط لأشعة الشمس."

بل يرى بعض الأطباء أن الجلوس يُعادل سرطان الجلد في خطورته!

ففي اللحظة التي تجلس فيها، تتوقف الكهرباء الحيوية في عضلات الساقين، وتنخفض السعرات المحروقة إلى سعر حراري واحد في الدقيقة فقط.
كما يهبط إنتاج الإنزيمات المسؤولة عن تكسير الدهون بنسبة 90٪.

بعد ساعتين من الجلوس، تنخفض نسبة الكوليسترول الجيد (الدهون الصديقة) بمعدل 20٪، مما يفسّر تضاعف خطر الإصابة بأمراض القلب بين الموظفين الإداريين.

 

يقول أحد الباحثين:

"ساعتان من الرياضة لا تزيل أضرار 22 ساعة من الجلوس!"

 

البعيد عن العين... بعيد عن الفم.

يؤكد خبراء التسويق أن احتمال شرائك للسلع الموضوعة على مستوى نظرك في محلات البقالة والسوبرماركت، أكبر بكثير من احتمال شرائك للسلع المخفية في الرفوف السفلية. فمكان وجود السلعة يؤثر بشكل كبير في سلوك المستهلك.

فكيف تستفيد من هذه الحقيقة في منزلك؟

ضع الأطعمة الصحية من خضروات وفواكه في مكان واضح وعلى مستوى النظر. إذ إن 85% من الناس لا يتناولون الأطعمة المفيدة، لأنهم يخفونها في أماكن بعيدة عن الأنظار، ومن ثم عن الأذهان. فالبعيد عن العين، بعيد عن الفم.

من عادات التخزين المعروفة أن نُخفي الخضروات والفواكه الطازجة في الدرج السفلي من الثلاجة. بينما تظل رقائق البطاطا، والحلويات، والنشويات في مرمى البصر، فتكون الخيار الأول دائمًا.

كما أن وجود الأطعمة على المائدة يمثل خطرًا أكبر؛ فكلما نظرنا إليها، ازددنا شهوة لها. لذا، ينصح خبراء التغذية بوضع الأطعمة الصحية، مثل التفاح والفستق، في مقدمة المائدة.

 

بين سجائر السكر.

السكر مادة غذائية خطرة. فهو يرفع معدلات الإصابة بالسكري والسمنة، ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان.

يبلغ معدل استهلاك الفرد أكثر من 70 كيلوغرامًا من السكر سنويًا. وهناك من يُقارن مخاطر السكر بالكوكايين والهيروين!

يصف أحد التقارير الطبية السكر بأنه "حُلو يقودك إلى المُرّ"، لأنه يحفّز نمو خلايا السرطان، ويسرّع شيخوخة الخلايا.

ومع تقدم الأبحاث، اكتشف العلماء أن حتى النسبة الطبيعية للسكر في الدم – بين 82 و110 ملليغرامًا لكل لتر – لها تأثير سلبي على الصحة العامة، حيث ترتبط المعدلات المرتفعة نسبيًّا بضمور خلايا الدماغ.

فتناول السكريات يرفع احتمالات الإصابة بالالتهابات، مما يُعجّل بشيخوخة الجسم.

لذلك، لا يُنصح بتناول السكر إلا بالمقدار الذي نحصل عليه من الخضر والفواكه.

في الماضي، اعتقدنا أن التدخين يخفف التوتر ويحسّن المزاج. ثم اكتشفنا أنه يدمّر خلايا الجسم، ويؤدي إلى السرطان، ويُسرّع الشيخوخة.

والأمر لا يختلف كثيرًا مع السكر. فكلما تناولنا الحلوى، أطلق المخ "الدوبامين"، فشعرنا بالسعادة، ثم أدمنّا.

يقول أحد الباحثين: "الحلوى تُنشّط مراكز السعادة في الدماغ، تمامًا مثل الأدوية، والكحول، والتبغ. ومع الوقت، نعتاد السكر، ونزيد جرعته، لنحصل على نفس شعور الراحة".

 

فوائد الفواكه في ألوانها.

الغذاء الصحي يدفع الأمراض، ويُطيل العمر، ويجعلنا أكثر شبابًا وحيوية.

ومع ذلك، يُعرض كثير من الناس عن تناول الخضر والفواكه، ويميلون إلى الأطعمة غير المفيدة، مما ينعكس على صحتهم النفسية والبدنية.

ففي دراسة شملت 80 ألف شخص، تبيّن أن كمية الخضروات والفواكه التي نتناولها تحدد مدى سعادتنا، وأن تناول سبع وجبات منها يوميًا يُحسّن المزاج العام.

ومع كثرة النصائح وتعدد الخيارات، يُنصح باللجوء إلى البساطة: كلْ ما هو طازج وداكن اللون.

فالخضروات المورقة الخضراء مثل البروكلي، السبانخ، الكرنب، الكرفس، الخيار، الفلفل، والقرع، مفيدة جدًّا لصحتك.

ومن الفواكه، تناول كل ما هو أحمر أو أزرق: كالتفاح، التوت، والطماطم؛ فهي غنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة.

 

كُلْ ببطء.

تناول الطعام بسرعة لا يؤدي فقط إلى الإفراط في الأكل، بل يزيد خطر الإصابة بالسمنة والسكري بمعدل مرتين ونصف.

أما تناول الطعام ببطء، فيمنحك فرصة لتذوقه، ويُقلّل من الكمية التي تستهلكها، مما يجنبك مشاكل الإفراط.

والأكل السريع يؤدي إلى دخول الهواء في القناة الهضمية، مما يُتعب المعدة، ويُسبب زيادة في إفراز الحامض، فيُشعرك بألم القولون، أو بما يعرف طبيًّا بارتجاع المريء.

وقد أثبتت إحدى الدراسات أن هذا الارتجاع يزيد كلما زادت سرعة تناول الطعام.

الجينات بريئة من الاتهامات.

وجود جينات غير مواتية في العائلة ليس عذرًا لاتباع نمط حياة غير صحي. بل العكس تمامًا.

فقد أثبت العلماء أن أسلوب حياتك هو الذي يؤثر في نشاط جيناتك. فإذا كانت السمنة أو أمراض القلب شائعة في عائلتك، فاتباع نمط غذائي سليم وممارسة الرياضة والنوم الجيد كلها تُحدث فرقًا حقيقيًّا.

النشاط وحده يقلل من احتمال السمنة بنسبة 40%، حسب دراسة أجريت على 20 ألف شخص.

وقد أثبتت تجربة أخرى أن تحسين نمط الحياة – في التغذية والرياضة – لمدة ثلاثة أشهر فقط، قد غيّر نشاط 500 جين في الجسم؛ إذ زاد نشاط الجينات المقاومة للأمراض، وقل نشاط الجينات المسببة لها.

وقد نُسب هذا التغيير إلى تناول كميات كبيرة من الخضر والفواكه.

ففي حين لا يمكننا تغيير خريطتنا الجينية، إلا أننا نستطيع تصحيح تأثيرها بمرور الوقت.

فإن لم تكن قادرًا على تغيير تاريخ عائلتك، فإنك قادر على تغيير مستقبلها... من خلال اختياراتك اليوم.

 

حافظ على عمودك الفقري.

ينصح جراحو العظام بتوخِّي الحذر عند الانحناء، أو حمل الأشياء، أو لفّ الجسم؛ إذ تُعرِّض تلك الحركات عمودك الفقري للخطر وتُصيبك بالضرر.

فحين تضطر إلى الانحناء لالتقاط شيء أو حتى للعطس مثلًا، انحنِ على ركبتيك بدلًا من ثني ظهرك؛
فمن المهم أن تحتفظ به مستقيمًا دائمًا، وأن تتجنَّب شدَّ أوتار ظهرك حين تشرع في البحث عن شيء.

 

تجنَّب الأضواء قبل النوم.

التعرُّض للأضواء الساطعة قبل أن تخلد إلى النوم من شأنه أن يقلل نسبة "الميلاتونين" في دمك، ويجعلك عاجزًا عن الاستغراق في النوم، كما يُقلِّل من هدوء نومك، وقد يزيد من احتمال إصابتك بأمراض القلب أو السكري.

يلعب "الميلاتونين" دورًا مهمًّا في تنظيم دورة النوم والاستيقاظ لدى الإنسان.

ولدراسة تقلبات نسبة الميلاتونين، قام فريق من الباحثين بإجراء دراسة على 116 متطوعًا لمدة خمسة أيام متتالية، وُضعت خلالها قسطرة في أوردتهم الذراعية، مما مكنهم من قياس نسب الميلاتونين بانتظام.

وقد اكتشفوا أن التعرُّض للأضواء المبهرة قبل النوم يُقلِّص من الأثر الإيجابي للميلاتونين، ويُقلل 90 دقيقة من النوم الهادئ مقارنةً بمن يتعرضون للضوء الخافت.

موظفون مجتهدون لا مُجهَدون.

بعد دراسةٍ استغرقت 18 عامًا، توصَّل فريق من الباحثين – الذين أجروا تجارب على مسجونين بالأشغال الشاقة في "سان فرانسيسكو" عام 1951 – إلى العوامل التي جعلت هؤلاء الرجال معرَّضين لأمراض الشريان التاجي.

وحين نُشر الاكتشاف، تبيَّن أن ارتفاع ضغط الدم، والتدخين، والسمنة، هي الأسباب المباشرة لأمراض القلب.

لكن كان أكثر الاكتشافات إثارةً هو أن الرجال الذين كانوا يُقسِّمون عملهم إلى نوبات (أي لا يعملون باستمرار)، كانوا أقلَّ تعرُّضًا للموت بأمراض الشرايين التاجيَّة.

كان هؤلاء هم عمال الموانئ المكلَّفين بتحميل السفن بالبضائع، وهو أسلوب عمل لم تعرفه صناعة النقل قبل خمسين عامًا.

وقد كشفت الأبحاث الحديثة عن أن المؤسسات التي تمنح موظفيها وقتًا للتريض خلال ساعات العمل تربح أكثر ممّا تخسر؛ فهي تكسب عاملين مجتهدين ومشروعاتٍ ناجحة.

وحتى لو عملت ساعات أقل في الأسبوع، فإن النتائج تكون إيجابيةً بالنسبة للعامل وصاحب العمل.
وقد بيَّنت دراساتٌ أخرى أن التريض يزيد دخل الموظف لأنه يُنشِّطه ويحسِّن صحته.

 

كُلْ ولا تأكُل.

لا ينفكّ الزملاء والأقرباء والأصدقاء يُكرِّرون عبارة:
"
كُلْ هذه القطعة الصغيرة؛ فهي وحدها لن تضرك على أية حال."

هم يفعلون هذا بحسن نيَّة، ودون التفكير في النتائج السلبيَّة للأكل تحت الضغط.
فالأمر ليس سهلًا بالنسبة لمن يحاولون اتباع نظام غذائي سليم، وتجَنُّب السكريات؛ إذ تجعلهم هذه العبارة "المعسولة" عاجزين عن مقاومة الإغراء.

فمن السهل علينا أن نضغط على أحدهم ليأخذ قطعة من الكعك، لكن يصعب علينا أن نُقنعه بأن يكتفي بقطعة واحدة.

لعلاج المدمنين يتم إبعادهم عن أي بيئة فيها إغراء أو أصدقاء سوء، ولكن من المستحيل إبعاد مرضى السكري والسمنة عن أماكن وأوقات توفُّر الطعام.

فمن يضعفون أمام إغراءات الطعام يجدون اتخاذ القرارات الخاصة بتناول الأطعمة المناسبة لحالتهم الصحيَّة أكثر تعقيدًا؛ إذ تحتاج مثل هذه القرارات إلى خوض صراع نفسي مرير.

ويجعل العيش في مجتمعاتٍ وأُسرٍ وفرقٍ كبيرة تلك الأمور أكثر تعقيدًا.

فقد أثبتت إحدى التجارب أن نصف المتطوعين الذين خضعوا لضغط أقرانهم وتناولوا ما قدّموه لهم من أطعمة، لم يكونوا يتبعون نظامًا غذائيًّا، وأن 35٪ منهم كانوا يسخرون من نظامهم الغذائي.

كما أفاد ثلث المتطوعين بأن أقرانهم طلبوا لهم وجباتٍ في المطاعم لم تكن ملائمة لنظامهم الغذائي.

 

الأطباق الصغيرة تُعالِج المشكلات الكبيرة.

بيَّنت التجارب أنَّ الدافع الداخلي (الجوع) أقلّ قوةً وتأثيرًا من الإغراء الخارجي المتمثل في الأطعمة المختلفة الأنواع والكميات.

فعندما يُعطيك أحدهم كيس "بطاطس" من الحجم العائلي، ستأكل 45٪ أكثر.
كما ستحتسي سوائل أكثر بنسبة 37٪ إذا توفَّرت لك أكواب قصيرة وواسعة، مقارنةً بالأكواب الطويلة والرفيعة.

وتشكّل حجوم أوعية الطعام والشراب خطرًا أكبر على الأطفال، الذين يتناولون كميات أكثر عندما يحصلون على عبواتٍ أكبر.

كما يؤثر لون الأطباق على ما نتناوله. إذ بيَّنت دراسة منشورة في مجلة "أبحاث المستهلكين" أنَّ تأثير لون الطبق كبيرٌ جدًّا؛ فالتباين بين لون الطبق والطعام يجعل الناس يُحجمون عن الإفراط في تناول الطعام.

فقد أثبتت إحدى التجارب أن تقديم "المعكرونة" بالصوص الأبيض في طبقٍ أبيض اللون يجعل الناس يتناولون كميات أكبر بنسبة 30٪ مقارنةً بمن قُدِّمت لهم نفس الوجبة في طبقٍ أحمر اللون.

 

الحركة دائمًا بركة.

تزداد كفاءة دماغك بعد ممارسة الرياضة.

فقطْع مسافة ميلٍ أسبوعيًّا يقي المخ من خطر الضمور.

وقد أثبتت دراسة بدأت منذ عشرين عامًا وجود علاقة بين معدلات النشاط وحجم الدماغ لدى أكثر من 400 شخص.
فقد راقب العلماء ممارسي رياضة المشي، وأجروا عليهم تصويرًا بالرنين المغناطيسي ثلاثي الأبعاد لتحديد التغيرات التي تطرأ على حجم الدماغ.

والجدير بالذكر أن تقلّص حجم الدماغ مؤشرٌ على موت خلاياه.

 

أطعمة سيئة السُّمعة.

يُحسِّن تغيير نظرتك إلى الأطعمة غير المفيدة واختياراتك لوجباتك من عاداتك الغذائيَّة.

فتسهم معرفتك بمحتويات طعامك (بغض النظر عن علامته التجارية) في تصحيح تلك العادات.

يمكنك، مثلًا، الاستعاضة عن التسالي المعلبة والمعالجة بمواد حافظة بالجزر، واستبدال رقائق البطاطس المقلية "الشيبس" باللوز والفستق والكاجو والبندق.

عندما تشتري الطعام الصحيّ بدلًا من الضار، ستضطر – كلما شعرت بالجوع للبحث عن المفيد بدلاً من التناول التلقائيّ للأطعمة الضارة.

فمن المؤكد أن ضبط عاداتك يحسِّن اختياراتك.

 

الإفطار أهم من العشاء.

لتكن وجبة الإفطار أهمّ وجبات يومك.

فحين تتجاهل وجبة الإفطار، ستضطر إلى تناول الطعام طوال اليوم.

كما أن إهمالها بانتظام يُعرّضك لتخزين الدهون في منطقة الخصر، مقارنةً بمن يتناولون إفطارًا صحيًّا يوميًّا.

وقد أكدت دراسة طريفة نشرتها مجلة الصحَّة العامَّة أن الذين يتناولون وجبة الإفطار بانتظام يكونون أكثر ذكاءً ورشاقة.

 

أطعمة واقية من السرطان.

يُعد الاحتفاظ بجسمٍ نحيلٍ ذكاءً صحيًّا لمقاومة أنواع مختلفة من السرطان.

فقد تبيَّن للأطباء أن السمنة من الأسباب المحفزة لمرض السرطان، لأنها تخلق حالة التهاب مزمنة تُسهّل نموّ وانتشار الخلايا السرطانية في الجسم.

وممَّا أكدته الأبحاث والإحصائيات، أن مرضى السمنة معرضون للإصابة بالسرطان بنسبةٍ تصل إلى نحو 50٪، وفي حالاتٍ مثل سرطان الكبد، ترتفع هذه النسبة إلى 450٪.

وهذا يعني أن الحفاظ على وزنٍ مثالي قد يكون أفضل الطرق لتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان على المدى الطويل.

 

فوائد القهوة والشاي والماء.

من أفضل طرق تزويد الجسم بكميات مناسبة ومتواصلة من السوائل، احتساء كميات كبيرة من المشروبات الطبيعية مثل الماء، والقهوة، والشاي.

ورغم تضارب الآراء حول القهوة على مرِّ السنين، فإن الأبحاث الحديثة تؤيِّد شربها بكميات كبيرة؛ لأنها تحتوي على نسب عالية من مضادات الأكسدة المقاومة للسرطان.

كما برهنت أبحاثٌ متتالية على أن القهوة تطيل العمر، وتُقاوم بطء الإدراك المصاحب لتقدم السن، وتحفّز النشاط، وتحسّن الحالة المزاجية.

فإن لم تكن من هواة القهوة، فعليك بتناول الشاي.

فهو يحتوي على ربع كمية الكافيين الموجودة في القهوة، وفوق ذلك، فهو خفيفٌ على المعدة.

ويُوفّر الشاي الأخضر فوائد عدَّة للصحة العامة:
بدءًا من مقاومة الالتهابات، ووصولًا إلى حماية الجلد.

ويُضاف إلى ما سبق أن للشاي الأخضر تأثيرًا إيجابيًّا على الدماغ، والاستيعاب، والذاكرة.

وأخيرًا، لا تنس احتساء الماء بكثرة؛ فهو يُرطّب الجسم، ويطرد السموم، ويُساعد في نقل المواد الغذائيَّة إلى خلاياه، كما يُرطّب الأذنين، والأنف، والحلق، ويقلّل آثار الحساسية.

 

كن أنت البداية.

حين تبدأ في تصحيح عاداتك اليوميَّة، وتتطلّع إلى حياةٍ سعيدة، وتفكر في كلّ الفرص والاحتمالات المتاحة لزيادة فعاليتك وإنتاجيتك، خُذ خطوة إضافية وإيجابية إلى الأمام:

هيّئ ثقافة التمتّع بالصحة والرشاقة والحيوية لكل من حولك، وكن مثالًا يُحتذى به في اتباع العادات الصحيَّة السليمة وتطبيق السلوكيات الإيجابيَّة.

ساعد نفسك وذويك وزملاءك وأفراد مجتمعك على العيش بسعادة؛ لأن الحياة التي تتطلب المبادرة، تتطلب أيضًا خوض المزيد من التجارب والتحديات المفعمة بالمغامرة.


وفي النهاية فإن الصحة ليست هدفًا مؤقتًا تسعى إليه في بداية العام أو عند الشعور بالمرض، بل هي نمط حياة يتكوَّن من قرارات صغيرة تتخذها كل يوم.

حين تبدأ بتعديل طريقة أكلك، وتحريك جسدك، واحترام حاجتك للنوم، فأنت لا تُغيّر يومك فقط، بل تُعيد توجيه مستقبلك نحو حياة أطول وأكثر عافية.

الرسالة الأساسية في هذا الكتاب بسيطة:
"
اختر جيدًا، كل يوم، في طعامك، وحركتك، ونومك، لأن كل خيارٍ صغير يبني حياةً كبيرة."

كن قدوة في محيطك، وابدأ اليوم. فكل خطوة صحية تخطوها، هي استثمار في نفسك، وفي من تحب.

تعليقات