القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخص كتاب الذكاء الإيجابي | كيف تتحكم في أفكارك وتزيد إنتاجيتك؟

  في عالم يزداد فيه التوتر وتتصاعد فيه وتيرة الضغوط اليومية، يظهر الذكاء الإيجابي كأداة فعالة لتحسين جودة حياتنا الشخصية والمِهَنية. لا يقتصر الذكاء على سرعة التفكير أو حدة الذاكرة، بل يمتد ليشمل قدرتنا على التحكم في أفكارنا السلبية وتوجيه عقولنا نحو ما يعزز سعادتنا وفاعليتنا.

في هذا الملخص، نستعرض أبرز أفكار كتاب الذكاء الإيجابي للمؤلف شيرزاد شيمين، الذي يوضح كيف يمكن تقوية عضلة الإيجابية في أذهاننا، والتقليل من تأثير الأصوات الداخلية التي تعيقنا؛ هذا الكتاب ليس فقط دليلاً للتفكير الإيجابي، بل خارطة طريق لتغيير عميق في طريقة تعاملنا مع الحياة والعمل.



من الذكاء الإيجابي إلى التدفق الإيجابي.

لا يوجد ذكاء إيجابي مطلق، ويخطئ من يعتقد أن هناك أناساً يتمتعون بنسبة مئة بالمائة من الإيجابية، فمن شأن هذا إلغاء إنسانيتهم وإصابتهم بحالة من اللامبالاة، ولذا فإن التدفق الإيجابي يشير إلى النسبة المئوية من الوقت أو الحياة التي تعمل فيها عقولنا لصالحنا. وهذا يعني أيضاً أن عقولنا تقف إلى جانبنا أحيانا فتلعب دور الصديق، وأنها تقف ضدنا أحياناً أخرى فتلعب دور العدو، فإذا ما وصل إيقاعنا الإيجابي إلى 75% أو 80% مثلاً، فإن هذا يعني أن عقولنا تعادينا بنسبة لا تزيد عن 20% إلى 25% من حياتنا.

وهنا تجيب الاكتشافات والتطورات الحديثة لعلم النفس الإيجابي عن كثير من التساؤلات التي كانت تؤرقنا ومنها:

لماذا يتلاشى إحساسنا بالسعادة بسرعة بعد تحقيق أهدافنا الكبرى التي طالما سعينا إليها؟

لماذا نبذل جهداً مضنياً عندما نبدأ برنامجاً للياقة البدنية وإنقاص الوزن، ثم يفتر حماسنا ونتراجع وننسى ما بدأناه؟

لماذا نتخلى عن المهارات القيادية المتقدمة التي اكتسبناها، بمجرد انتهاء التدريب، لنفسح الطريق مرة أخرى لعاداتنا السلبية كي تسود وتقود؟

هل يعاقب عقل الإنسان نفسه فيلعب مع نفسه؛ دور الفاعل والمفعول؟

 

من هذا المنطلق اتخذ العلماء من معدلات الذكاء الإيجابي مؤشراً حقيقياً لتقييم الطاقات المستثمرة والإمكانات المهدرة، لأن عقلنا قد يكون صديقاً مخلصاً أو عدواً لدوداً لنا.

سنحاول في هذا الملخص قياس تلك العلاقة النسبية بين القطبين الترجح إحدى الكفتين. فحين ترتفع معدلات الإيجابية فهذا يعني أن العقل يتبنى دور الصديق، والعكس أيضاً صحيح، ثم نحاول أن نتعلم كيف ترفع معدلات الذكاء الإيجابي كي ندير عقولنا فتعمل لصالحنا.

 

مواجهة أعداء النجاح:

تتلخص الإجابة عن التساؤلات التي طرحناها سابقًا في كلمتين هما: أعداء النجاح.

لا تجهد نفسك كثيرًا في البحث حولك فالأعداء هم بعض خصالك الشخصية الكامنة فيك. ولسوء الحظ لا يستطيع الإنسان أن يتغاضى عن هؤلاء ويمضي قدمًا في سبيل أدركه؛ فعندما تزرع حديقتك بالورود الجميلة وتزهر، تقترب إذا التقطت وردة رائعة من بعيد، فتلاحظ أنها كانت ستبقى أجمل، لو لم تصبها بعض الآفات.

 

وهكذا، أعداء النجاح من شخص إلى آخر؛ نوعًا وكماً وقوة.

ونعرض فيما يلي وصفات عشرة من هؤلاء الأعداء:

المنتقد: وهو العدو الأكبر والمشترك بين معظم الناس، يدفعنا هذا العدو إلى تصيد الأخطاء لأنفسنا ولمن حولنا وانتقاد الظروف المحيطة بنا. يتسبب المنتقد في إشاعة التوتر، والضغط النفسي، والشعور بالإحباط والغضب، والإحساس بالذنب أيضاً.

المدقق: يتمثل سلوكه في سعينا المفرط للوصول إلى التميز والإبهار والكمال، فيتمخض عن هذا السعي شعور بالاستياء وعدم الرضا عن النفس والآخرين.

المتملق: يحثنا على كسب استحسان الآخرين بتقديم المساعدات والمجاملات والإطراءات، فتضيع أهدافنا ونحن نحاول تلبية احتياجات غيرنا.

مدمن العمل: يتخذ من العمل الدائم والإنجازات مصدراً - وحيداً - لاحترام وتقدير الذات، مما يؤدي إلى الاستماتة في العمل على حساب الحياة الشخصية والمشاعر الإنسانية.

الضحية: ينشد اهتمام وعطف الآخرين عبر التظاهر بالحساسية المفرطة وتبني دور المغلوب على أمره. تتمخض هذه السمة السلبية عن استنزاف الطاقة الذهنية والعاطفية وتوليد مشاعر الذنب والإحباط في صاحبها ومن حوله.

عاشق المنطق: يطبق المعالجة التحليلية المكثفة على كل شيء في الحياة - بما في ذلك العلاقات والصداقات – على حساب المشاعر الإنسانية.

الحذر: يصيبك بحالة من التوتر والريبة والشك في كل من حولك وهو يفترض الأسوأ. هذه الحالة تنهك صاحبها ومن حوله وتسلبهم متع الحياة.

المشتت: يعيش في دوامة من الانهماك الدائم والبحث عن لا شيء وكل شيء، سعياً وراء سعادة غائمة وإثارة دائمة، حتى يصاب بالصداع والضياع وهو يبحث عن سقط المتاع.

المسيطر: تحركه رغبة ملحة في التحكم بكل الأمور، وترويض كل من حوله بما يحقق مصالحه، يتمخض افتقاده للسيطرة عن حالة غضب من نفسه وممن حوله.

النائم الحالم: يتجنب الواقع الأليم ليركز على الجوانب الإيجابية والمشرقة فقط، إلى أن تفرقه الهموم والمشكلات المتراكمة وتنفجر في وجهه قبل أن يفيق.

 

محركات أعداء النجاح.

تتطور محركات سلبية بشكل فطري، وتنتهي باكتمال الذكاء، لتشكل مرحلة أولى من التطور العقلي، والترابط بالبقاء والمعايشة. أي أن الهدف المبدئي أو البدائي تلك الخصال هو ضمان البقاء. فالمنتقد - على سبيل المثال - يسخر محركًا واحدًا على الأقل، ليحقق أهدافه ويضمن الاستقرار كما يظن، وفي حين يشترك كل الناس في تبني خصال المنتقد، فإن المحركات التي يسخرها تختلف من شخص إلى آخر، إذ تلعب الاحتياجات الشخصية دورًا بارزًا في اختيار الدوافع التي تنمها داخلنا، وهي ذات بعدين هما:

1 – المحفزات.

تنقسم المحفزات التي تضمن بقاءنا واستقرارنا العاطفي إلى ثلاثة هي:

الاستقلال: الحاجة إلى التخلص من التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية.

القبول: الحاجة إلى اكتساب الثقة ومودة واستحسان الآخرين.

الأمان: الحاجة إلى تقليص مؤرقات الحياة والتخلص من القلق للعيش بسلام.

 

2- تجنب.

يتبنى الإنسان أحد ثلاثة أنماط تناسب احتياجاته الاستقلال، والقبول، والأمان، وهي:

التفعيل: اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق الاحتياجات الرئيسية الثلاثة.

الكسب: الكسب والاحتياجات من أجل تلبية تلك الاحتياجات.

تجنب الانعزال عن الأنشطة والأفراد، وهجر الأفكار التي تعوق تلبية الاحتياجات ويحدد التفاعل بين تحفيزاتك الرئيسية وبين التخلص من تلك التي تنتهجها، ويحدد نوع المحركات أو الدعامات التي تنمها في داخلك. ويمكن أن يساعدك الجدول التالي في اكتشاف محركاتك الخاصة، فإنك - على سبيل المثال -

 

السعادة المشروطة.

أحياناً يمارس المنتقد دوره التخريبي معتمداً على مشاعر البؤس وغيرها من المشاعر السلبية التي يزرعها فينا مستترا تحت أكثر من قناع. فمثلا يعاني بعض المديرين ورجال الأعمال من ضغوط نفسية - ويا للمفارقة - لا تشق طريقها إليهم إلا بعد أن يدركوا أهدافهم ويحققوا أحلامهم تحدث الضغوط لدى اصطدامهم بالواقع الذي لا يعترف بالعلاقة بين النجاح وبين الشعور بالسعادة المنشودة – أو بالأحرى المشروطة. تلك السعادة المشروطة هي سلاح عدونا الداخلي: الذي يقول لنا دائماً: لتصبح سعيداً، يجب أن.....

بتأمل هذه الأكذوبة عن كتب يدرك الإنسان أنها تخفي بين طياتها كذبتين لا واحدة. الأولى هي أن الظروف الحالية هي السبب، لأنها تحول بينك وبين السعادة، ومن ثم فهي تفرض قيودا زمنية على سعادتك، كأن تربطها بالوقت الذي تستطيع فيه تأسيس شركتك الخاصة، أو تمتلك ثروة هائلة.

أما الأكذوبة الثانية فهي أنها تجعل من السعادة هدفاً متحركاً وليس غاية راسخة. فبمجرد أن تؤسس شركتك الأولى، سيؤكد لك "المنتقد " أن السعادة الحقيقية لن تحققها لك شركة واحدة، بل مجموعة شركات وبالتالي فكلما اقتربت من السعادة، نأت هي عنك. وهكذا يستمر المنتقد ومدمن العمل في دفع صخرة "سيزيف" إلى أعلى الجبل، فما إن تصل منتصف السفح، حتى تتدحرج عائدة إلى القاع، وهكذا.. إلى الأبد.

 

استراتيجيات التدفق الإيجابي.

يتغذى أعداء النجاح" على الأجزاء العقلية التي تحفز البقاء والاستقرار الجسدي والعاطفي، تلك الأجزاء هي ما نطلق عليه "العقل النفعي." في حين يستمد "المنقذ" - والذي يعكس الجانب الأكثر حكمة وعمقاً – قوته من العقل المتدفق. ويمكنك مضاعفة التدفق الإيجابي لعقلك الذي يشهد هذا وأعداء النجاح من خلال ثلاث الصراع الأبدي المحتدم ما بين "المنقذ" واستراتيجيات، وهي:

الاستراتيجية الأولى مهاجمة أعداء النجاح.

بعد أن تعرفت إلى أعداء النجاح الأكثر سيطرة على سلوكياتك وتحكماً في توجهاتك، حرر نفسك من قيودها، فالإنسان حين يتقلد دور المحارب، تتملكه مشاعر الغضب والعنف ليفقد أهم أسلحته الدهاء فمثلاً: حين تطفو خصال "الضحية" إلى السطح وتبدأ بانتقادها والغضب حيالها، فأنت بذلك تفعل - دون أن تدري - العدو الأخطر "المنتقد". ومن ثم فإن أفضل وسيلة لدحر قوة أعدائك هي رصد المشاعر والأفكار المصاحبة لها. وقد تناول المؤلف " إيكهارت تول " هذه الاستراتيجية مشبها أعداء النجاح برجل الجليد الذي سرعان ما يذوب عندما تلامسه أشعة الوعي والرصد". ولمزيد من التعمق في استيعاب ورصد أعدائك، يمكنك أن تخصص وصفاً أكثر دقة لكل منها، فإن كان "المسيطر " هو المحرك الأقوى للمنتقد، فبإمكانك أن تطلق عليه "المخبر " مثلاً. فإذا ما باغتك هذا العدو بزيارة مفاجئة في أحد الاجتماعات، فابدأ عملية الرصد والملاحظة بأن تصب عليه وعيك وإدراكك لمحاولاته البائسة للتحكم في مجريات الأحداث؛ كأن تقول لنفسك: "ها هو المخبر المتكبر قد جاء عابساً ليخبرنا بأن الاجتماع لا يسير كما يريد. قد تتساءل كيف لهذه الآلية البسيطة أن تؤتي ثمارها وتقضي على عدوك إلا أن هذه التساؤلات سرعان ما تزول بمجرد أن تجربها للمرة الأولى، حيث يستمد أعداء النجاح قوتهم من طبيعتهم المستترة خلف الكثير من الأقنعة التي تتساقط واحداً تلو الآخر بمجرد أن ترصدها، الأمر الذي يقلص من قدرتها على التأثير في أفكارك وسلوكياتك.

استراتيجية المنح الثلاث.

طورت هذه الاستراتيجية للانتقال الذهني من حالة "أعداء النجاح" إلى حالة المنقذ حيث يطلب من الشخص أن يبتكر ثلاثة سيناريوهات إيجابية تتحول فيها الأزمة التي تعرض لها إلى نعمة أو منحة غير متوقعة، عندما خضع أحد مديري المبيعات لهذا الاختبار، وكان قد خسر أكبر وأهم عملائه، وضع هذه الاحتمالات الثلاثة:

- قد تحفزنا هذه الخسارة على تطوير منتجاتنا بشكل يضمن لنا المزيد من 1 العملاء على المدى البعيد.

2 - قد ينمي فريق المبيعات مهاراته ويطور إمكاناته كي يكسب المزيد من العملاء الجدد.

3 - قد يتوفر لنا المزيد من الوقت لتقديم خدمة أفضل لعملائنا الحاليين، مما يرفع نسب البيع بشكل يعوضنا عن تلك الخسارة.

تلك هي الآلية التي يعمل "المنقذ" وفقاً لها ليحيل الأزمات إلى نعم وهبات. لكن هذه الاستراتيجية ليست خيارك الأوحد؛ إذ يمكنك تجاوز الأزمة وطي صفحتها متخلصاً من مشاعر الندم المصاحبة - بدلاً من البحث عن الاحتمالات، فالقدرة على التغاضي عن المواقف السلبية هي منحة في حد ذاتها، حيث تقوي عضلات " المنقذ" الذي يخلصك من المشاعر السلبية، ناهيك عن دوره في هزيمة "المنتقد ". عدوك الأول.

 

الاستراتيجية الثانية: دعم "المنقذ".

يمثل "المنقذ" ذلك الجزء الأكثر حكمة منك، فهو يتعامل مع التحديات إما باعتبارها فرصة فعلية لتحقيق أعلى معدلات الرضا والسعادة والأمان، أو باعتبارها نبتة نستطيع أن نحولها إلى فرصة التخرج في النهاية بالنتائج ذاتها. يسخر "المنقذ" خمس طاقات رئيسية ليمارس أدواره الإيجابية وهي: التعاطف، والاستكشاف، والإبداع، والإبحار، والتفعيل، ولا يشترط أن تتطلب كل المواقف تفعيل الطاقات الخمس مجتمعة فلكل موقف احتياجاته وحيثياته الخاصة. وهذا وصف مفصل لكل طاقة على حدة ملحقة بما سنطلق عليه "سر الصنعة الذي يمكنك من استثمارها على أكمل وجه.

 

1- التعاطف.

وهو شعور ينبع من قدرتنا على التفهم، والتقدير، والتسامح، ويشحن التعاطف طاقتنا ويفجر فينا ينابيع الحيوية والنشاط بعد أن جفت واستنزفها "المنتقد" وحركاته المدمرة.

سر الصنعة: العودة إلى الطفولة.

مارس صنعتك لدقيقة واحدة داخل عقلك كي تثق بقوة التعاطف في شتى المواقف التي تتعرض لها. تستعد طفولتك بأن تسترجع أحد المواقف التي تبدو فيها مشاعر الرعاية والاهتمام، وسيفيدك أنك تبحث عن صورة شخصية لك في فترة الطفولة لتضعها على سطح المكتب، أو على هاتفك الجوال. تعمل هذه الصورة كناقوس يقرع أجراس الخطر كلما تمكن منك أحد أعداء النجاح، ستذكرك طفولتك بعدتك الأصيلة بملامحك النبيل وبحقك في أن تنعم بقدر من الهدوء والاهتمام غير المشروط، بمنأى عن مشاعر الغضب والاستياء التي يفرضها عليك العدو، والأمر سيان فيما يتعلق بالآخرين؛ فحين تنتابك مشاعر الغضب تجاه الشخص ما بسبب محاولات الإطاحة بك، يمكنك أن تولد تعاطفًا تجاه هذا الشخص بأن تتخيله كما لو كان طفلاً، كي تبرز نواياه النزيهة - حتى وإن بدا عكس ذلك.

2- الاستكشاف.

يتمخض الاستكشاف عن الطاقات والمشاعر القائمة على الشغف، والانفتاح، والدهشة. حيث يخفق الكثيرون منا في معالجة بعض المواقف نظراً إلى التسرع في استخلاص النتائج واقتراح الحلول دون دراسة وافية ومتأنية، فتغفل عن التفاصيل المحورية التي قد تشكل صلب القضية.

سر الصنعة: المستكشف الشغوف.

ارتد عباءة المستكشف الذي يحركه الفضول وحب الاستطلاع والحرص على الإلمام بكل التفاصيل. يخول لك هذا التقمص أخذ الملاحظات وتدبر التفاصيل والملابسات بشكل موضوعي ودون أدنى محاولة من جانبك - أو بالأحرى من جانب أعدائك - للتعديل أو التغيير أو إضفاء لمساتك وفرض توقعاتك الشخصية على الأمور، ففي المرة التالية، وحين تجمعك خصومة بأحد الأشخاص، تخلص من مشاعر المكابرة، وتراجع لثلاث دقائق عن موقفك الهجومي، وتقلد دور المستكشف، وابدأ في تأمل الآخر واستيعاب مشاعره ودوافعه ومبرراته التي يتبناها ، فربما يزيل هذا التأمل الغبار عن بعض الحقائق التي أغفلتها فيما مضى، والتي قد تتمخض عن تغير محوري وحل سحري للأزمة بما يحقق رضا الطرفين.

3- الإبداع.

يكمن الإبداع الحقيقي في التفكير خارج الصندوق، والخروج عن المألوف، والتحرر من بعض العادات والمعتقدات التي تعرقل تقدمنا. لكي تصون قدرات "المنقذ" الإبداعية وتحميها من سطوة أعداء النجاح، عليك أن تنتج أكبر قدر ممكن من الأفكار المتعاقبة والمتوالية دون توقف ن ودون أي محاولة للتقييم والتصحيح التقييم يفسح المجال لأعداء النجاح بالتدخل وفرض الآراء السلبية، كأن يمارس "المنتقد " دوره الهدام ويبث سمومه في ذهنك: "يا لها من فكرة سخيفة .... فيجهضها قبل حتى أن تشق طريقها إلى النور، ويهزم محاولاتك الإبداعية.

سر الصنعة: "بالتأكيد... وكذلك....

كي توظف سر الصنعة هنا بفاعلية، عقب على أفكارك الجديدة قائلا: "بالتأكيد تعجبني هذه الفكرة لأنها ... وكذلك يمكننا ..... أهم ما يميز هذه الآلية هو ما تقدمه من تقدير وعرض للجوانب الإيجابية - بدلاً من الانتقاد والتركيز على المحاور السلبية - قبل الانتقال إلى الفكرة الإبداعية التالية. تحرك بسرعة لتولد سلسلة من الأفكار المترابطة دون أن تدع مجالاً للتشكيك والتفنيد. تستطيع ممارسة هذا السر وحدك أو مع فريق العمل، فإن كنت تحاول مع فريق العمل أن تبدعوا بعض الأفكار التي توفر سبل الراحة والرفاهية لنزلاء فندق مثلاً، فربما يبادر أحدهم بقوله: "لم لا نشغل بعض المقطوعات الموسيقية الهادئة في بهو الفندق؟" فيضيف الآخر: "بالتأكيد، فقد تسهم هذه الفكرة في الاسترخاء والترويح عن النزلاء، كذلك نستطيع أن نبحث عن المزيد من سبل الترحيب والاحتفاء المتميز. ويستمر فريق العمل في إنتاج المزيد من الأفكار على هذا المنوال دون أن يفتحوا لأعداء الداخل طريقاً للنفاذ إلى لعبة الابتكار.

 

4- الإبحار.

يقصد بتمكين "المنقذ" من الإبحار قدرة الإنسان على التنقل بين الكثير من البدائل المتاحة وفقاً لبوصلته الذهنية الخاصة، تتشكل إحداثيات تلك البوصلة وفقاً لقيمك ومعتقداتك الداخلية الراسخة. ومع ذلك، قد تتعرض هذه البوصلة - كغيرها من الطاقات والسلوكيات - إلى محاولات الهيمنة وتغيير المسار؛ فكثيراً ما يحاول العدو "الحذر" مثلاً: أن يحيد بسفينتنا تجاه الخيارات المأمونة والأقل مخاطرة، والتي تقودنا في أغلب الأحيان إلى التأخر في الوصول أو إلى الميناء الخاطئ.

 

سر الصنعة: النظرة المستقبلية.

حين تعترض رحلتك بعض العقبات أو تصل إلى مفترق طرق، توقف قليلاً وألق نظرة خاطفة على المستقبل. تخيل نفسك بعد سنوات وفي نهاية رحلة الحياة الطويلة واسأل نفسك: أي الطريقين ستختار إذا ما عاد بك الزمن إلى الوراء؟! فحين يبلغ الإنسان من العمر عتيا، يزهد في الحياة، ويتغاضى عن كل الأفكار المثبطة، فتتلاشى مخاوفه التي كان يبثها في داخله أعداء النجاح، فيدرك ضالتها وزيف مزاعمها، ولهذا يكتسب هذا السر فاعليته - سواء للأفراد أو الجماعات - بأن تسقط الأقنعة عن هؤلاء الأعداء لتتضح رؤية الإنسان ويترسخ لديه في النهاية كل ما هو قيم، وهادف، وحقيقي.

 

5- التفعيل.

تحفزك قدرة "المنقذ" التفعيلية على أخذ الخطوات واتباع الإجراءات المنبثقة من تكثيف وتركيز الطاقات الذهنية والعاطفية بمنأى عن المشاعر المحبطة والسلبية. فإن أساء إليك شخص ما، فإنك تستطيع مثلاً، أن تشغل وضع التعاطف لتقرر أن تسامحه وتتغاضي عما فعل، ومن ثم تحرر نفسك من مشاعر الضغينة تجاهه. وقد تود أن تسامحه بالفعل، ولكن بأن تطلب مقابلاً أو تعويضاً مال في هذه الحالة تكون قد انتقلت لوضع التفعيل حيث تبدأ في البحث المكثف عن سبل التعويض اللائق والعمل على تنفيذها متجنبا مشاعر الغضب والاستياء، وغيرها من مشاعر أعداء النجاح.

سر الصنعة: داهم أعداءك.

ضع نفسك مكان أعداء النجاح الأكثر تحكماً في توجهاتك وسلوكياتك وحاول أن تتنبأ بالمنافذ التي سيحاولون التسلل إليك من خلالها. توقع الأفكار والاعتراضات والانتقادات التي قد تبتها في ذهنك لتحول دون تقدمك الأمر الذي سيساعدك في ترويضها وتقليص أثرها بمجرد أن تشق طريقها إليك.

 

العقل النفعي مقابل العقل المتدفق.

يتكون "العقل النفعي من الأجزاء الأكثر بساطة وبدائية للعقل يعمل العقل النفعي وفق آلية الكر والفر التي تسخر طاقة الإنسان الذهنية والجسدية المواجهة المخاطر التي تهدد بقاءه ومصالحه، تختزل هذه الآلية المهارات العقلية في عمليتي التنبؤ بالمخاطر والهروب منها، دون أن تدع مجالاً لغيرهما من القدرات كي تبرز وتزدهر، تتمثل خطورة العقل النفعي في تسخيره وتفعيله الأدوات العقل المحفزة على البقاء - أي بالأحرى لأعداء النجاح - مقلصاً قدرة الذهن على تفعيل طاقات "المنقذ". فالأمر يشبه تبادل المنفعة حيث يغذي العقل النفعي أعداء النجاح، في حين يمده الأعداء بالطاقة السلبية.

بالمقابل يشكل "العقل المتدفق نوعاً من الذكاء العقلي الذي يهب " المنقذ" طاقاته ويعزز إمكاناته. يتكون العقل المتدفق من ثلاثة أجزاء: قشرة الفص الجبهي المتوسطة والمسؤولة عن محاسبة النفس، والتأني، وقهر المخاوف، والحكمة)، والدوائر الشعورية وهي مناطق متفرقة مسؤولة عن توليد التعاطف)، والعقل الأيمن (الذي يعزز المشاعر الجسدية والروحية). ومع تقدمنا في العمر تدعم سلوكياتنا "العقل النفعي" ويضمر "العقل المتدفق وتخبو شعلته، إلا أن الجانب المشرق للأمر يكمن في سرعة استجابة عضلات العقل المتدفق للتمرينات والأنشطة التي تنمي وتطور مهاراته، وهذا ما سنتناوله في استراتيجية التمتين التالية.

 

الاستراتيجية الثالثة: تمدد العضلات المتدفقة.

برنامج تدريب التركيز على تمارين رياضية في تقوية عضلات معينة من جسمك، وتدريب التركيز على انتباهك على عقلك وحواسك في تقوية عقلك المتدفق. يتطلب هذا التدريب الاستراتيجي التركيز على العقل المتدفق وتزويده بالطاقة اللازمة، حيث يتطلب تركيز؛ والخروج من حالة التشتت بين الأفكار المختلفة تحفيز الانهيار العصبي المتوسط ​​والجزء الأيمن من المخ. وقد أثبت أحدث الدراسات أن هذا النشاط - البسيط في ظاهره - ينشط ويعيد بناء طاقة العقل عن طريق تشكيل مسارات عصبية تعمل على تحريك المؤثرات ومؤثرة حتى وإن توقف الإنسان عن ممارسة النشاط.

يبدو أن العضلات المتدفقة التي تعمل على تحريك المؤثرات هي عضلات قوية رغم أن تظهر من خلال الاستمرار في تمارين رياضية.

هذه بعض الأفكار التي تمكنك من استثمار نشاطاتك وتحويلها إلى فرص لتحقيق أهدافك:

الممارسة اليومية: في المرة القادمة التي تنظف فيها أسنانك، تأمل هذه العملية بكل تفاصيلها بداية من الإمساك بالفرشاة، وذبذباتها على الأسنان، ورائحة معجون الأسنان، وهكذا.. هل تنبهت إلى ما كنت تمارسه دون أن تلاحظه؟

التمرينات الجسدية: إن كنت تهوى ممارسة التمارين على أحد الأجهزة الرياضية، أغلق عينيك لبضع دقائق وأنصت بعمق للصوت الذي يولده الجهاز وتأمل تفاعل جسدك المتناغم مع هذا الصوت ذهاباً وإياباً.

تناول الطعام: تناول قضمه صغيرة ثم أغلق عينيك واستمتع بمذاق وملمس الطعام في فمك. يساعدك هذا النشاط - في حال ممارسته بشكل متواصل – في فقدان الوزن بشكل تعجز عنه أفضل برامج التغذية حيث تقل سرعتك في تناول الطعام؛ فتقل الكمية بفضل الاستغراق في حالة التذوق.

الاستماع للموسيقى: اختر إحدى الآلات الموسيقية أو المقطوعات الكلاسيكية واستمع لها لتعزلك عن العالم بما يشوبه من مؤرقات ومشتتات.

التنفيس عن المشاعر: احتضن طفلك بشكل يعكس ما تكنه له من حب وامتنان ليمتزج جسداكما ويشعر كل منكما بأنفاس ونبض الآخر. وحين تحادثه، تأمل حركاته ونظراته. والبريق المنبثق من عينيه.


تحويل الأعداء إلى حلفاء.

يتمتع "المنقذ" بقدرة هائلة على تحويل الأزمات إلى منح وهبات، بما في ذلك أعداء النجاح. ونظراً إلى إصرار أعداء نجاحك الداخليين على اقتحام تدفقك العقلي وتعكير صفو حياتك بين الفينة والأخرى، فلم لا تستغل هذه الفرصة وتحول أعداءك إلى حلفاء! في كل مرة يطفو أحد هؤلاء الأعداء إلى السطح وتشعر به يتسلل إلى نفسك، اشغل نفسك بممارسة أحد الأنشطة التي ذكرناها سابقا لعشر ثوان بحيث تتحول محاولة الهيمنة إلى فرصة لتمتين العقل المتدفق، وكسر الروتين لوهلة فتعود إلى عملك بنشاط وحيوية.

مقياس التدفق الإيجابي.

تلعب الأرقام والإحصائيات دوراً بارزاً في المحافظة على معدلات التدفق الإيجابي، فإذا كان التدفق الإيجابي يشير إلى معدلات أو مستويات العقلية الإيجابية مقدرة بالنسبة المئوية والتي تتراوح ما بين (0) و (100)، فكيف لك أن تحسب معدلاتك الخاصة؟

يقاس الـ التدفق الإيجابي من خلال المفاضلة بين النسب المئوية للمشاعر التي ينتجها "المنقذ" مقابل المشاعر السلبية التي يولدها أعداء النجاح داخلك على مدار اليوم. وتستطيع أن تقيس معدلات التدفق الإيجابي لفرق العمل والمؤسسات أيضاً، وبالطريقة ذاتها.

 

قنوات التواصل الفعالة.

بينما تتابع إحدى القنوات التلفزيونية، فإنهم لا يستطيعون التركيز أو رؤية ما يبث على القنوات الأخرى في نفس الوقت إلا إذا وصلنا إليها. كذلك لا يستطيع الإنسان استيعاب الطاقة الهائلة التي تبثها البيانات الإيجابية إلا بعد الانتقال إلى القناة التي تبث تلك المشاعر والطاقات، تلك هي قناة البيانات الإيجابية، وتتكون قناة البيانات الإيجابية كثيرًا من "قناة المعطيات والحقائق" التي - وإن كانت أكثر وضوحًا ورؤية من الأولى - تلخص بيت الأرقام والوقائع المجردة. يميل الإنسان إلى الاعتماد على النوع الثاني فقط - قناة المعطيات - رغم أن التفاعلات الإنسانية لا يمكن أن تخلو من النوعين. بل إن المعلومات التي تبثها قناة البيانات الإيجابية قد تكون في مضمونها أكثر أهمية وحتمية لبناء فرق عمل وعلاقات قوية وقوية، ومن ثم فإن للاقتصار على النوع الثاني فقط آثاره السلبية، والتي تبدو أكثر وضوحًا على صعيد فرق العمل.


بعض أسباب فشل التدريب.

للدورات والبرامج التدريبية دور بارز في خلق مناخ محفز على الإنجاز والإيجابية داخل بيئات العمل.

إلا أن هذا الأثر لا يدوم طويلاً وسرعان ما تخبو شعلته بمرور الأيام. يحدث ذلك نظراً إلى اعتماد تلك البرامج على آليات مفتعلة ومصممة لدفع - أو بالأحرى إكراه - العاملين على تبني – أو ادعاء -السلوكيات الإيجابية، ومن ثم تنطوي عملية بناء فرق العمل الفعالة والمؤثرة على خطوتين رئيسيتين هما:

1 - مساعدة أعضاء الفريق على مضاعفة معدلات التدفق الإيجابي كما أوضحنا سابقاً:

2- توجيه انتباه أعضاء الفريق لينصب على قناة التدفق الإيجابي خلال تفاعلاتهم اليومية.

 

تمرين تطبيقي.

افترض مع فريقك أن شخصا أجنبيا. - لا يعرف لغتهم - يشاهد التفاعل القائم بين المدير "سين" والموظف "صاد". فكيف سيكون انعكاس التفاعل على ذلك الأجنبي وهو يشاهد دون أن يفهم؟ هل سيراه تفاعلاً إيجابياً أم سلبياً؟ بالتأكيد سيتمركز انتباه المشاهد الخارجي على الطاقة غير المرئية المتبادلة بين الطرفين - قناة التدفق الإيجابي - دون أن تشتته الحقائق والمعلومات المجردة - قناة المعطيات، سيبادر "سين" بسؤال "صاد": ما الذي أدى إلى وقوع ذلك الخطأ في المشروع؟ فإن كان فريق العمل يتمتع بمعدلات عالية للتدفق الإيجابي، فبالتأكيد سيتم استيعاب الطرف "سين" باعتباره متخذا لوضعية الاستكشاف التابعة للمنقذ، ومن ثم فلن يلاحظ المراقب الأجنبي سوى الطاقة الإيجابية المتبادلة بين الطرفين، والتي يستشعرها الجميع - دون أن يسمعها أحد - في الأرجاء، أما إن كانت مستويات التدفق الإيجابي لهذا الفريق متدنية، فقد يكون للسؤال ذاته أثر مغاير حيث يكون المنتقد هو سيد الموقف. في هذه الحالة سيشعر المشاهد الخارجي بقناة التدفق الإيجابي وقد تعكر صفوها بين الطرفين، لتشوبها مشاعر اللوم والاستياء من قبل الطرف الأول "سين"، والإنكار والدفاع من قبل الطرف الثاني "صاد".

إذا أردت توجيه اهتمام وتركيز فريق العمل إلى التفاعل القائم على قناة التدفق الإيجابي، جرب هذه اللعبة:

 

بين الملموس والمحسوس.

يميل الإنسان إلى تغيير كل ما هو مرئي وملموس، دون اهتمام ووعي ومركز بالمحسوس. ولهذا السبب قد يبدو التحول من قناة المعطيات - المرئية - إلى قناة التدفق الإيجابية - الخفية - شاقًا في البداية، إلا أنه حتمي، وهنا تبرز أهمية فريق التحفيز على تطبيق دعم تدفق البيانات الثلاثي الذي سبق ذكره، فيسهم في زيادة معدلات تدفق البيانات للأفراد، إلى جانب استيعابهم وتشغيلهم لقناة تدفق البيانات

في الاجتماع القادم عندما يجتمع فريق العمل، قم بقطع بعض الوقت للتفكير في الأفكار المتعلقة بالحركة وتحميل المجال لكل عضو في فريقك كي تتعرف عليه - ويعترف أيضًا بـ أعداء النجاح الأكثر هيمنة على السيطرة عليه وفكره. ولك أن تتخيل كيف ستتغير مجريات العمل إلى الأفضل إذا ما ترك كل شخص - دون الحد من الأشياء بالذنب - وأمام الجميع، عن أسلحته الفتاكة التي طالما وجهها إلى نفسه قبل أن يوجهها إلى ذلك. سينتقل ذلك إلى الحوار الموجه من قبل العاملين في توجيه المواد واللقاء باللوم، لاستثمار طاقات "المنقذ" لتكاتف أياديهم وتضافر جهودهم حول هدف واحد لاستثمار الطاقات والإمكانات في الحد الأقصى بما في ذلك أعلى المستويات المتنوعة والجماعية والمؤسسية.

 

عقلك ... حصانك.

بعد رحلتنا الممتعة عبر السطور السابقة أصبح من الواضح كيف ترتقي عقليًا، قد ينهار الإنسان ويتكفل له بالسعادة والاستقرار والأمان. فإن كان اللسان هو الحصان، فإن العقل هو صمام الأمان والسرج والركاب والزمام، الذي يضمن لك أن تقود حصانك حتى تصل إلى وجهتك وتحقق غايتك. المهم هو أن تتحلى بالثقة وتؤمن بقدراتك وبجوهرتك النقي، ذلك الجوهر الأصيل هو "المنقذ" ورفيق الدرب الذي يحوم حولك دائمًا من بعيد، على أمل أن يلقي له بالا أو تعيره اهتمامًا أو يسأله سؤالًا. ليجدك عليك بطاقات هائلة، ويبرز أفضل ما لديك.

وختامًا، ابسط يد العون لمن حولك كي ينضموا إلى ركبك، ومهد جسورًا من التواصل الفعال لتتضافر جهودكم وتزداد أسمى خصالكم؛ فذلك من شيم القادة والمديرين المؤثرين، والآباء والعلماء الاستثنائيين، وكل المتابعين النابهين.

تعليقات