في عالم تشوبه الصراعات وتحتدم فيه المفاضلة، ويتعدى فيه النجاح الأكاديمي والمهني، يسقط الآباء في فخ ينساقون إليه، وهو "الطُّعْم" الذي يبتلعونه. مثل هذه "الفِخاخ" تكمن في قيام الآباء بحل مشكلات أبنائهم أو مد يد العون لهم بشكل يعيق نموهم الفكري وقدرتهم على اغتنام الفرص، بل قد يجتهد بعض الآباء أكثر من أولادهم في حل تلك المشكلات والدأب المتواصل في ترفيه أبنائهم.
لسنا ضد هذا
السلوك؛ فمن حقك أن تساعد أبناءك بالطريقة التي تروق لك. ولكن، هناك فرق بين تقديم
مقومات النجاح للأبناء جاهزة على طبق من ذهب، وبين توجيههم نحو تنمية المهارات
بفهم عميق، عبر الإجابة عن الأسئلة اللازمة لتحقيق ذلك النجاح.
إن أجبت بنعم عن
الأسئلة التالية، فأنت من الآباء الذين يقعون في هذا الفخ:
- أترك ما لدي من مهام فورًا حين يطلب مني
طفلي إعداد الطعام له.
- أقدم لطفلي جهازًا إلكترونيًا يُلهيه حين
يطلب مني انتظار شيء.
- أحرص على شراء أحدث هاتف محمول لطفلي حين
يحصل أصدقاؤه على هواتف حديثة.
- لا أغلق التلفاز في منزلي حتى يجد أطفالي
ما يشغل وقتهم.
- أتلقى أكثر من ثلاث رسائل نصية من ابني يوميًا يطلب فيها المساعدة وهو في المدرسة.
لا يحتمل الآباء
خوض أبنائهم أي صراع ولو انتهى بالنجاح والخروج من الأزمات. لذلك، يهرع الآباء إلى
إنقاذ أبنائهم من الصعوبات أو التجارب الشاقة وإراحة الطريق لهم، مما يؤدي إلى أن
يتوقع الأطفال تلبية جميع احتياجاتهم من الآخرين، فيضيع عليهم فرصة محاولات حل مشكلاتهم
بأنفسهم.
الدراسة.
تُعد الدراسة أحد
المجالات التي يسقط فيها الآباء في فخ الإنقاذ؛ إذ يصيبهم الهوس بالحرص الزائد على
أداء أبنائهم للواجبات المدرسية بإتقان، والحصول على الدرجات النهائية لضمان
الالتحاق بإحدى كليات القمة.
يؤدي هذا الهوس
إلى محاولة الآباء إنقاذ أبنائهم من الفشل الدراسي بطرق كثيرة، مثل مساعدتهم في
عمل الواجبات المدرسية، مما يجعل الأبناء يعجزون عن الاجتهاد بأنفسهم ويفضلون
الاعتماد على والديهم، فتضيع عليهم فرص تعلم البحث، والتمحيص، والتفكير النقدي.
المواقف
الاجتماعية.
يسقط الآباء أيضًا
في فخ اجتماعي حين يهرعون لشراء ملابس أو أجهزة إلكترونية ذات علامات تجارية لامعة
كي يلقوا استحسان أصدقائهم، أو تحاشيًا للوم الأبناء عبر عبارات مثل: "جميع
أصدقائي لديهم كذا وكذا."
لذلك، يُغدق
الآباء على أبنائهم بالملابس والأجهزة الجديدة لإنقاذهم من الإحراج أمام أقرانهم
والشعور بالدونية، غير أن هذا السلوك يحرم الأبناء من فرصة تعلم حل مشكلاتهم
الاجتماعية بأنفسهم.
دع أبناءك ينقذون
أنفسهم.
يشعر الآباء -على
المدى القصير- بالارتياح حين ينقذون أطفالهم من مشكلة، لكن من الأفضل لكلا الطرفين
أن يعلم الآباء أبناءهم الاعتماد على أنفسهم في حل المشكلات.
ورغم أن للآباء
باعًا طويلًا وخبرة سابقة في التعامل مع المواقف المشابهة، إلا أن الأطفال يحتاجون
إلى فرص يتدربون فيها على كيفية التعامل مع المشكلات وحلها، ولكي يكتسبوا هذه
المهارة، حري بالآباء اتباع النصائح التالية:
• مقاومة الرغبة
الملحة في جعل كل شيء على ما يرام في حياة الأبناء، وإعطاؤهم فرصة الاعتماد على
النفس في حل المشكلات.
• حين يلتحق الأطفال
بالمدرسة الابتدائية، يصبح من المفيد مشاركتهم في عدد من الحلول الممكنة من خلال
الاختيار المتعدد، بسؤالهم: أي الحلول يودون تجربته، وفقًا لعمرهم ومدى تطورهم
الفكري.
• في مرحلة الدراسة
الإعدادية، شجعهم على وضع قائمة بالحلول الممكنة، ثم اطلب منهم تحديد إمكانيات
النجاح والفشل لكل حل على حدة قبل اختيار أي منها؛ فالتغذية الراجعة والدعم
ضروريان في هذه المرحلة.
• حين يبلغ الأبناء
المرحلة الثانوية، ادعمهم عاطفيًا، ولكن دون اقتراح حلول جاهزة لهم.
فخ سرعة الاستجابة.
يود الآباء لو
فعلوا كل ما في وسعهم لإسعاد أبنائهم، ويتمثل ذلك في اندفاعهم نحو سرعة تلبية
طلباتهم. ومن ثم، يقع الآباء في فخ الإشباع الفوري.
لقد اشتهر عالم
النفس "والتر ميشيل" بأبحاثه وتجاربِه الخاصة بالإشباع البطيء لاحتياجات
الأطفال. وتعد أشهر تجاربه تلك التي أجراها في جامعة "ستانفورد"، والتي
أطلق عليها اسم "تجربة المارشميلو"، حيث خير الأطفال بين تناول قطعة
واحدة من الحلوى فورًا، أو الحصول على قطعتين إن انتظروا فترة محددة من الزمن.
قام
"ميشيل" بمتابعة الأطفال الذين استطاعوا الانتظار، مقابل أولئك الذين
أسرعوا إلى إشباع رغبتهم بتناول الحلوى مباشرة، وذلك لمدة تراوحت بين ثمانية عشر
عامًا وستة وعشرين عامًا. فاكتشف أن أولئك الأطفال الذين تريثوا وانتظروا، قد
نجحوا في حياتهم، وحصلوا على درجات عالية في اختبار القبول الجامعي.
الإشباع
الإلكتروني.
يتواصل المراهقون
مع أقرانهم في العصر الحديث عبر الرسائل النصية. ومن النادر أن نرى شابًا لا يمتلك
هاتفًا محمولًا يسهل الوصول إليه؛ فعندما يرسل إليه أحد أصدقائه رسالة نصية
ليستفسر عما سيفعله خلال اليوم أو عن تفاصيل حدث ما، فإنه يرد عليها فورًا ويزوده
بالمعلومات المطلوبة دون إبطاء، كما تقتضي الأعراف الاجتماعية الحديثة.
ومن ثم، نلاحظ كيف
أسهم انتشار الأجهزة الإلكترونية، كالحواسيب اللوحية، في توفير المعلومات بلمسة زر
واحدة، مما يجعل الأطفال والشباب في غنى عن الانتظار.
فخاخ يقع فيها
الآباء.
فخ الضغط.
يفخر الآباء
كثيرًا حين يتحدثون عن إنجازات أبنائهم ونجاحاتهم. ومن ثم، لا يكف الآباء عن القلق
والاجتهاد لدفع أبنائهم نحو دحر مخاوفهم، كي يمتلئوا بالثقة. مما يولد ضغطًا
كبيرًا على الأبناء.
فخ العطاء.
لا يستطيع الآباء
تحمل شعور أبنائهم بالدونية أو بأنهم مرفوضون من أقرانهم. ومن ثم، يسقط الآباء في
فخ الإغداق على أبنائهم بالهدايا والمشتريات التي لا يبذلون أي جهد للحصول عليها.
فخ الشعور بالذنب.
لا يريد الآباء أن
يشعر أبناؤهم بالتعاسة أو بالمعاناة. وحين يدرك الآباء أن أبناءهم يعيشون ذلك،
يشعرون بالذنب، فيسعون إلى تعويضهم عما ينقصهم من دون مطالبتهم بالقيام بأي دور أو
بذل أي جهد.
إبطال مفعول
الفخاخ.
نعرض فيما يلي بعض
الأسئلة التي، إن أجبت عنها بـ "نعم"، فقد تكون وقعت في أحد هذه الفخاخ:
كالشعور بالذنب أو العطاء الزائد أو غيرهما:
• هل يعرض عليك طفلك
مشكلته قبل أن يفكر في أي حل؟
• هل يغضب طفلك أو
يصاب بالإحباط إن لم تصلح ما أزعجه؟
• هل تتوقف عن أداء
مهمة أو تعتذر عن اجتماع للرد على رسالة نصية من طفلك حتى لو لم يكن الأمر عاجلًا؟
• هل اكتشفت أنك
تقوم بإنجاز الكثير من الواجبات الدراسية نيابة عن أبنائك؟
القلق إحساس صحي.
يقلق الشباب
لأسباب كثيرة ومُتنوعة، ولكن السبب الرئيسي الذي يرجع الآباء إليه هو قلة الخبرة.
ومن ثم، يهرع الآباء لنجدة أبنائهم من مواجهة التحديات.
ويتحدث كثيرون من
خبراء التربية عن شباب يُعبرون عن قلقهم لآبائهم كي يعلم آباؤهم بحدة هذا القلق
ويسرعوا لحل مشكلاتهم، مما يحول دون استيعاب الشباب لحقيقة أن القلق إحساس صحي
ومؤقت، وأن الاعتماد على أنفسهم في حل مشكلاتهم يُخفف من حدة هذا التوتر.
الافتقار إلى
المهارات.
يرى الآباء أن
أبناءهم يفتقرون إلى المهارات اللازمة لإنجاز المهام منذ سن مبكرة. فيتدخلون في
إنجاز المهام بدلًا من أبنائهم، مما يحرمهم فرصة خوض التجربة والتعلم من الخطأ.
المواقف
الاجتماعية.
يتذكر الآباء
المشكلات والمواقف الصعبة التي واجهوها في شبابهم بسبب انهيار الصداقات وتوتر
العلاقات الاجتماعية، كما يتعذر عليهم نسيان ما تعرضوا له من ألم بسبب الشعور
بالدونية أو الإهمال.
مما يدفعهم إلى
المغالاة في التعاطف مع أبنائهم حين يمرون بتجارب مماثلة ويشعرون بالتوتر الناتج
عن خلل العلاقات الاجتماعية وارتباك ديناميكياتها.
التفوق الأكاديمي.
يحدث هذا التأزم
حين يعتقد الآباء أن أبناءهم لا بد أن يتفوقوا في الدراسة بأي ثمن. لذلك، لا يدخر
الآباء جهدًا في دفع أبنائهم نحو ذلك.
يبدأ هذا بمرحلة
التعليم الابتدائي، ويستمر حتى التعليم الثانوي، حيث يراقب الآباء كل واجبات
أبنائهم المدرسية، بل وقد يؤدون هذه الواجبات بدلًا من أبنائهم.
يعزى هذا السلوك
إلى أن بعض الآباء يُعلون من أهمية التفوق الدراسي والتحصيل العلمي أكثر مما يفعله
أبناؤهم أنفسهم؛ إذ يرى الآباء أن التفوق الدراسي يقود الأبناء إلى معلمين أفضل،
وتعليم أرقى، وثقة بالنفس أقوى، وينتهي بدخول إحدى كليات القمة.
بناء الثقة عن
طريق المحاولة والخطأ.
يُعد السماح
للأطفال بارتكاب الأخطاء ثم تصحيحها خطوة أولى في بناء ثقتهم بأنفسهم.
ويقول كثير من
الآباء والمعلمين إن ارتكاب الأخطاء ظاهرة صحية، وأن الناس خطاؤون بطبعهم.
يا لروعة هذه
الرسالة حين يُوجهها أب إلى طفله!
لكن الأطفال،
عادة، لا يُصدقون كلام والديهم أو يتذكرونه، فهم في الواقع يتذكرون الأفعال التي
تتسق مع الأقوال: إذ يراقبونها ويقلدون ما يريدون تعلمه.
وتجدر الإشارة هنا
إلى أن الأطفال الذين يُشجعهم والداهم على المحاولة والخطأ، لا يخافون أو يصابون
بالإحباط حين يُخطئون، بل يشرعون في تصحيح أخطائهم دون أن يعتقدوا أن الخطأ نهاية
العالم.
استمع لأبنائك.
لكي تُحسن
الاستماع لأبنائك، عليك بتنمية المهارات التالية:
• لا تُقاطع الحديث،
بل انتبه جيدًا إلى طفلك وواجهه.
• كن صبورًا، ولا
تطلب منه إنهاء قصته بسرعة.
• اهتم بما يقوله
طفلك، وأظهر له ذلك بتعبيرات الوجه وحركات اليد.
• انتبه لما يقوله
الطفل وما يلمح إليه دون كلمات.
• اطلب التوضيح إن
دعت الضرورة.
أطفال مُثقَلون
بالمهام والمهارات.
هناك نتيجتان
لظاهرة إشغال الوالدين كاهل الأطفال بأعباء الواجبات المدرسية، أو ممارسة الرياضة،
أو التدرُّب على عزف إحدى الآلات الموسيقية:
· أولًا:
يُحرَم الأطفال من فرص تنمية مهاراتهم الفكرية والعقلية. وقد يشعرون بالإرهاق
الجسدي والذهني، والحاجة إلى الاسترخاء.
· ثانيًا:
يعجز الأطفال والشباب عن تعلُّم كيفية شَغل أوقاتهم بأنفسهم. ومن ثم، يُلقي هؤلاء
الأطفال على والديهم عبءَ ومسؤوليةَ شغل أوقاتهم.
·
الآباء يطوِّرون
أبناءهم أخلاقيًّا.
لا يعتمد النمو
الأخلاقي على العُمر الزمني للفرد، بقدر ما يعتمد على مهاراته الفكرية ومهارات حل
المشكلات التي تم تطويرها وتنميتها عبر المراحل التالية:
- مرحلة الثواب والعقاب:
تتسم هذه المرحلة باستجابة الطفل لما تفرضه البيئة من قواعد؛ إذ يحاول، قدر الإمكان، فعل الصواب (مثل عمل الواجبات الدراسية) خشية التعرض للعقاب.
- مرحلة الانجذاب إلى الأقران:
يركز الأطفال في هذه المرحلة على ما يفعله أقرانهم، ويحاولون تقليد
تصرفاتهم أو سلوكياتهم (مثل ارتداء آخر صيحات الأزياء أو التحدث بطريقة معينة).
ومن المفيد هنا أن
يراقب الآباء سلوك أبنائهم من خلال توصيلهم إلى بيوت أصدقائهم لحضور مناسبة مثلًا
أو استضافة أصدقائهم في المنزل.
- مرحلة العقد الاجتماعي:
قلَّما يصل الأبناء إلى هذه المرحلة قبل التحاقهم بالجامعة. ومع ذلك، على الآباء أن يدعموا تطوُّر أبنائهم الأخلاقي للوصول إليها مهما كان عمرهم الزمني؛ فالأخلاق هنا تعني تحمُّل المسؤولية الأدبية دون خوف من العقاب أو رغبة في الحصول على الثواب.
علاقة الثقة
بالخبرة.
يمكن للعقل البشري
أن يبدأ في أداء وظائفه المعرفية مثل: حل المشكلات وإدارة المهام مع نهاية مرحلة
التعليم الابتدائي.
ومع ذلك، يجب على
الآباء تنمية المهارات المتصلة بتلك الوظائف لدى أولادهم منذ سن مبكرة، وذلك عبر
طرح السؤال التالي عليهم حين يعجزون عن حل إحدى المشكلات أو مواجهتها:
«في
اعتقادك، ما الذي يجب عليك عمله؟»
فمثلًا: حين يأتيك
طفلك البالغ من العمر ثمانية أعوام قائلًا إنه نسي عمل واجب الحساب، عليك أن
تبادره بالسؤال التالي:
«ما أفضل طريقة
يمكنك أن تحل بها هذه المشكلة؟»
ربما لن يُعطيك
طفلك إجابة محددة ناضجة لهذا السؤال، كما سيحتاج حتمًا إلى مساعدتك في حل مشكلته؛
غير أن الرد على طلبه المساعدة بسؤال، سينمي فيه الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة
مشكلاته وحلها بمفرده، فضلًا عن إسهامه في تطوير المهارات المعرفية المعقدة بمرور
الوقت.
لا تربط التفوُّق
بالذكاء.
لا يتوقف الكبار
عن تكرار الحديث عن أهمية التحلي بالذكاء، وأن الأذكياء هم الذين يحصلون على أعلى
الدرجات؛ وبغض النظر عن الجدل الدائر حول تعريف الذكاء، ستجد أن أطفالنا قد
اعتادوا ربط الذكاء بقصر فترات التذكر أو بعدم الاضطرار إلى المذاكرة من الأساس؛
وكأن الدراسة أمر سهل.
من هذا المنطلق،
قد يربط البعض عدم قدرة الأطفال على حل الواجبات المدرسية بقلة الذكاء.
هذه هي الرسالة
الضمنية الضارة التي تصل إلى الأطفال، وتؤدي إلى زيادة احتياجهم إلى الإشباع
الفوري.
فحين يعكف طالب
على المذاكرة كي يحصل على الدرجات النهائية في الاختبارات المدرسية، فإنه يوصف
أحيانًا بقلة الذكاء!
ويُعَد هذا مثالًا
حيًّا على أن المكافأة تأتي نظير الحصول على شيء بسهولة، لا نظير المثابرة أو
الاجتهاد.
وبعبارة أخرى: يمتدح الناس مَنْ يحصل على الدرجة
النهائية، لكنهم لا يمتدحون مَنْ يكد ويجتهد للحصول عليها.
مفهوم الذات
الأكاديمية.
حين تشجع ابنك على
التميُّز الأكاديمي، أعدَّه أيضًا لتكوين صورة إيجابية عن شخصيته الأكاديمية.
والمقصود بمفهوم
الذات الأكاديمية: تلك الصورة الذهنية التي يُكوِّنها الطالب عن نفسه، أو يصف نفسه
من خلالها.
وتجدر الإشارة هنا
إلى أن هناك عدة سمات تتكون منها الصورة الذاتية للإنسان؛ فمثلًا:
قد يخلع الشخص على نفسه صفات متنوعة مثل: الرياضي، أو الفنان، أو
الموسيقي، أو الاجتماعي، أو الأكاديمي؛ أي أنه قد يصف نفسه بأنه "المبدع
الحقيقي" أو "الفنان السيئ" حين يتحدث عن صورته الذاتية الفنية.
وحين يتحدث عن صورته الاجتماعية، قد يصف نفسه بأنه "ودود"
أو "انطوائي".
ورغم تنوع جوانب
الصورة الذاتية، نجد أن الذات الأكاديمية هي أهم تلك السمات عند معظم الناس.
فحين يسألك أحدهم عن دراستك الابتدائية أو الجامعية، ستجد نفسك تجيب
بسرعة قائلًا:
"كنت
بارعًا في الحساب"، أو "كنت طالبًا متميزًا"،
أو "لم أكن طالبًا جيدًا"، أو "كانت الدراسة سهلة بالنسبة لي"،
أو "لم يكن المدرسون مولعين بي".
ومن ثم، ينزع
الأطفال نحو تصنيف أنفسهم حسب المعايير الأكاديمية في المقام الأول.
تأثير استخدام
الهاتف المحمول على الأطفال.
تُظهِر الأبحاث أن
استخدام الهاتف المحمول يؤثر سلبًا على قدرة الطفل على فهم المعلومات واستيعابها؛
إذ يلعب الاعتماد
المتزايد على التكنولوجيا دورًا كبيرًا في تقليص فرصة الأطفال والمراهقين في حل
مشكلاتهم، وبالتالي في التفكير وإدارة الأمور.
وفي دراسة
استعرضها الباحثون، تبيَّن أن الأطفال الذين يعتمدون على التكنولوجيا بشكل مفرط
يواجهون خطرًا كبيرًا على استخدام ذاكرتهم النشطة،
وهي المسؤولة في
المقام الأول عن الفهم، والاستيعاب، والاحتفاظ بالمعلومات في ذاكرة المدى القصير.
ومن هنا، نجد أن
زيادة الاعتماد على الهواتف الذكية، التي تختزن كمًّا هائلًا من المعلومات المتاحة
في متناول يد الطفل بسرعة فائقة،
تجعل الأطفال في
غنى عن تذكر أشياء كثيرة مثل:
• كتابة أرقام
الهواتف،
• أو حفظ بعض
المعلومات الأساسية؛
إذ يعتمدون على
التكنولوجيا أكثر مما يُنمّون قدراتهم على التذكر.
ورغم كون التكنولوجيا
أداة رائعة لتنظيم الوقت وإدارته، نجدها تحول دون تحمُّل الطالب لمسؤولية نفسه.
فعند فشل الطفل في
إنجاز مهمة معينة أو الوفاء بالتزام ما بسبب هاتفه المحمول، تجده يمعن في لوم
الهاتف، لأنه لا يريد تحمُّل مسؤولية إهماله؛ وهو عذر فارغ للهروب من الذنب.
استخدام الخرائط
في تنمية المهارات.
أصبح استخدام
الخرائط، ومعرفة الاتجاهات، وتقدير الوقت الذي يستغرقه الوصول إلى مكانٍ بعينه
مهماتٍ طواها النسيان،
إذ باتت الهواتفُ
بنوكًا معلوماتيةً هائلةً يلجأ الأطفالُ إليها حين لا يستطيعون تحديد الاتجاهات أو
يضلون الطريق.
فكلُّ ما عليهم
فعله هو أن ينقروا زر «العودة إلى المنزل»، فتظهر لهم الخريطةُ، ويسألهم التطبيقُ
ما إذا كانوا يستقلون سيارةً، أو دراجةً، أو يسيرون على الأقدام.
كما يوفر التطبيقُ
علاماتٍ مميزةً لتوجيه الطفل نحو المنزل، مثل المطاعم أو المتاجر أو محطات الوقود،
فضلًا عن تحديد
مدة الوصول وإعطائه خياراتٍ متعددةً للطرق التي يمكنه سلكُها.
في الماضي، كان
الأطفال يتعلمون الكثير وينمُّون مهاراتٍ عديدةً حين تغيب عنهم تكنولوجيا الهواتف
الذكية؛ إذ كان يتعين عليهم استرجاع معلوماتهم عن الطريق، وتحليل خطواتهم لمعرفة
أين ضلوا الطريق، ومحاولة معرفة ما يجب عليهم فعله للعودة إلى الطريق الصحيح.
وهذا يعني أن
الأطفال كانوا يفكرون في أي الطرق أقصر وأكثر أمانًا، وما إذا كان من الأفضل لهم
السير بجوار محطة وقود أو متجرٍ للتأكد من الطريق، أو الاكتفاء بسؤال أحد المارة
عن الاتجاهات.
يضاف إلى ما سبق
أنهم كانوا يخططون لما سيفعلونه لتعويض الوقت المهدر جراء السير في الطريق الخطأ.
وهكذا، كانوا
يطورون مهاراتهم في حل المشكلات والتفكير النقدي واتخاذ القرار بثقة.
سوء فهم الرسائل
النصية.
تُعَدُّ الرسائل
النصية ظاهرةً ثقافيةً واجتماعيةً بارزةً في عصرنا الإلكتروني؛ إذ تسهِّل الهواتف
الذكية هذه المسألة على الشباب بشكلٍ كبير.
غير أن إحدى
الدراسات أثبتت أن نحو 74% من الشباب يبعثون برسائل نصيةٍ لأصدقائهم دون تفكيرٍ
كافٍ، مما يجعلها معرضةً لسوء الفهم.
وبسبب طبيعة
المراهقين المتسرعة، يعتقد المعالجون النفسيون أن تبادل الرسائل النصية قد يزيد من
احتمالية نشوء الصراعات بين الشباب المراهقين؛ لأنها تفتقر إلى الحوارات الكاملة
واللغة الجسدية التي تساعد على توضيح النوايا والمشاعر.
ومع ذلك، ثمة
أخطارٌ تحدق بهذه الحوارات عبر الرسائل النصية، مثل سوء التأويل، وردود الأفعال
المتعجلة، والتعليقات غير المهذبة.
فبدلًا من طلب
التوضيح أو السؤال المباشر، قد يسيء الطرف الآخر الفهم، مما يؤدي إلى المزيد من
سوء التفاهم.
ومن المعروف أن
بعض التعليقات البريئة قد تجرح مشاعر الطرف الآخر وتتحول إلى صراعاتٍ وعداواتٍ
دائمةٍ.
ألعاب الفيديو.
حين تتحول ألعاب
الفيديو إلى ملاذٍ يلجأ إليه الأطفال هربًا من ضغوط التفاعل مع الآخرين، تصبح
مشكلة حقيقية.
وتُعد ألعاب
الفيديو مصدر جذب للأطفال، وخاصةً أولئك الذين يجدون صعوبةً في تطوير مهاراتهم
الاجتماعية أو التفاعل مع أقرانهم.
ينجذب الأطفال
الذين يعانون من مثل هذه الاضطرابات إلى ألعاب الفيديو؛ لأن البيئة الإلكترونية لا
تفرض عليهم التزاماتٍ اجتماعية، مما يشعرهم بالارتياح.
ومع ذلك، لا توفر
ألعاب الفيديو سوى شعورٍ مؤقتٍ بالراحة، وقد تكون بداية دخولهم في حلقةٍ مفرغةٍ من
الاغتراب عن المجتمع ومتطلباته، حين يعزل الأطفال أنفسهم عن أقرانهم وينهمكون في
ألعاب الفيديو.
بيد أن ما يجدونه
في هذا الهروب وتلك العزلة من راحةٍ وسعادةٍ يجعلهم يستمرون في هذا السلوك أو
يعيدونه حتى يبلغوا مرحلة الإدمان الكامل على هذه العادات، التي قد تكون نافعةً
أحيانًا وضارةً أحيانًا أخرى.
من هم أصدقاؤك على
مواقع التواصل الاجتماعي؟
يستخدم كثيرٌ من
الشباب والبالغين مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة ما يمارسه أصدقاؤهم من أنشطة، ومقارنتها
بأنشطتهم، والتعبير عن مشاعرهم، وعرض أنشطتهم على الآخرين،
فضلًا عن تكوين
صداقاتٍ جديدة.
لقد أصبحت مواقع
التواصل الاجتماعي، بشكلٍ واسع النطاق، مقياسًا للحالة الاجتماعية والعاطفية
للشباب، تمامًا كما تُعد درجات الطالب مقياسًا لفرصته في اختيار الجامعة التي
سيلتحق بها.
ولهذا، لا ينبغي
الوثوق بمواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ كامل؛ فما يُنشر أو يُرفع عليها قد يكون
بعيدًا كل البعد عن الواقع.
يُضاف إلى ما سبق
أن الصور وتحديثات الحالة لا تعبّر عما يفعله الشخص بدقة، بل تعبّر عما يريد
للآخرين أن يعتقدوا أنه يفعله.
ويُعد الحصول على
المعلومات بهذه الطريقة السهلة والسريعة دافعًا لجيل "الإشباع السريع"
نحو القفز إلى نتائج غير مدعومةٍ بأدلةٍ أو مناقشاتٍ أو أسئلة.
وتتشابه مواقع
التواصل مع الرسائل النصية في وجود احتمالاتٍ متعددةٍ لسوء التأويل أو الفهم،
وخاصةً حين يطلب
السائل ردًا سريعًا، أو يتصرف المتلقي برعونة، أو يستجيب دون تفكير،
أو يرسل رمزًا
تعبيريًا أو صورةً من دون توضيحاتٍ كافية.
كما أن عدد
الأصدقاء والمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون معلومةً مضللة؛
فعندما يتحدث شاب
أو فتاة عن صديقٍ تعرف عليه عبر هذه المواقع، لا يكون ذلك الشخص صديقًا بالمعنى
الحقيقي للكلمة، بل هو مجرد صديقٍ لصديقٍ آخر، مما يجعل الشباب يكوّنون صداقاتٍ
كثيرةً من حيث العدد، لكنها تفتقر إلى الجودة والعمق الحقيقي.
لماذا يجب أن
يمارس الأطفال الرياضة؟
حين يقابل أبناؤنا
أطفالًا آخرين في فريق رياضي، يتعلمون كيف يكونون الصداقات ويحافظون عليها، وكيف
يلعبون معًا ويتواصلون، إلى غير ذلك من المهارات التي تفيدهم في حياتهم اليومية.
تنمّي الرياضة هذه
المهارات بشكل عميق وجذري ودائم؛ إذ يروق اللعب لغالبية الأطفال. ومع ذلك، فإن
ممارسة الرياضة أكثر من مجرد لعب؛ فهي فرصة عظيمة لتنمية مهارات التواصل،
والمثابرة، والجدية في العمل، والرغبة في الفوز.
ولا يتحقق كل ذلك
إلا إذا لقي الطفل دعمًا من الكبار.
ولكن، إذا انتقد
الأب أو المدرب أداء أبنائه، أو اشتكى من تخصيصهم وقتًا للعب، أو كافأهم بالهدايا
حين يمتنعون عن الاشتراك في المسابقات الرياضية، فسوف يفشل مدربو الفرق في أداء
مهامهم.
ويضاف إلى ذلك أن
بعض الآباء يحاولون تشكيل خبرات أطفالهم والاجتهاد بدلًا منهم لضمان نجاحهم في
النشاط الرياضي، مما يحول دون استفادة الطفل من انخراطه في النشاط؛ إذ يعتقد أن
والديه، لا هو، الأجدر بالمكافأة.
لماذا يُعدّ هذا
الجيل أكثر تعرضًا للإدمان؟
لا يميل أطفال هذا
الجيل أو شبابه إلى التفكير العميق أو التروي قبل اتخاذ القرارات.
ويُعزى هذا إلى
تعودهم على الحصول على ما يريدون فورًا. ورغم وعي أبناء هذا الجيل بمخاطر تعاطي
المخدرات وآثارها -التي باتت أشد خطورة من أي وقت مضى- فإن بعضهم لا يتردد في
تعاطيها؛ إذ تفوق رغبتهم في الحصول على ما يريدون حاجتهم إلى التفكير والتدبر.
فأبناء هذا الجيل
ينتبهون إلى ما يرونه مناسبًا فقط: إن وجدوه موافقًا لرغباتهم، اندفعوا نحوه دون
تفكير.
ويتسم المراهقون
بالاندفاع في جميع الأحوال. ويضاف إلى ذلك ظاهرة "الإشباع الفوري" التي تنتشر
فيما بينهم، مما يجعلهم أكثر ضعفًا أمام قوة المخدرات، سواء كان بهدف الاندماج مع
أقرانهم، أو لإزالة الشعور بالضجر، أو التمرد، أو غيرها من الأسباب.
كما أن الجيل
الجديد يميل إلى التداوي الذاتي والسريع، لأنه لا يستطيع الصبر على أي ألم مهما
كان بسيطًا؛ إذ اعتاد الإشباع الفوري.
ويُضاف إلى ذلك
افتقاره إلى الثقة بقدرته على التعامل مع المشكلات وحلها. ومن ثم، يندفع المراهقون
هذه الأيام نحو الهروب من مشكلاتهم لكي يشعروا بالراحة، ولا يرون تلك الراحة إلا
في تعاطي المخدرات.
إنهم ينسون أن
الراحة المصطنعة التي يعيشونها قد تجرهم إلى حياة مليئة بالألم، ويحدث هذا بشكل
أسرع مما يتصورون، لأنهم لا يربطون بين الفعل وعاقبته.
ويتخيلون أن
شعورهم بالسعادة ليوم واحد بمثابة ضوء أخضر لتكرار تعاطي المخدرات مرة بعد مرة.
إن الشعور الزائف
بالراحة الذي يتسلل إلى المراهقين ضيقي الأفق وغير المدركين للعواقب يجعلهم
يعتقدون أنهم بمنأى عن الأذى، وهم بذلك لا يدركون أنهم مخدوعون.
أعراض الإدمان.
يحتاج الآباء إلى
التوعية بالأعراض والعلامات التي يجب أن يكتشفوها كي يحددوا ما إذا كان أبناؤهم
مدمنين للمخدرات أو المشروبات.
ويمكن تقسيم هذه
الأعراض إلى نوعين هما:
- التغيرات التي تطرأ على السلوك
- التغيرات التي تطرأ على الظهر، كما يلي:
التغيرات السلوكية.
أعراض خفية:
في أغلب حالات
التعاطي لا يحدث تغير مفاجئ في سلوك الطفل أو المراهق، ولذا على الآباء أن ينتبهوا
إلى أي تغيرات تدريجية تطرأ على السلوك. وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض الأعراض
المبكرة لإدمان المخدرات أو المشروبات الكحولية تتمثل في الإرهاق، وسرعة الغضب،
والتكتم. كما يصاحب إدمان المخدرات والكحوليات الانطواء واعتزال الأصدقاء، والتوقف
عن ممارسة الأنشطة، وفقدان الحماسة والمبادرة، والنوم لساعات أطول من المعتاد.
أعراض واضحة:
تتجلى هذه الأعراض
في عدم التوازن (الشعور بالدوار)، وبغشاوة بعد استخدام العقاقير أو الكحوليات،
بالإضافة إلى مخالفة قواعد السلوك، والتسلل من المدرسة، والوقوع في أزمات مالية؛
حيث إن المدمن يضطر إلى استخدام هذه المواد باستمرار، وأحيانًا لبيعها كي يحصل على
المال اللازم لتوفيرها.
وهنا قد يلاحظ
الآباء زيادة في معدل الاتصالات السرية مع بضعة أصدقاء، والتكتم على البريد
الإلكتروني، والمكالمات التليفونية، ومسح الرسائل فور قراءتها.
هذا فضلًا عن
ارتفاع معدل التصرفات العدوانية التي تصل إلى حد الاشتباك بالأيدي حتى في
المناقشات العادية.
قيادة السيارات.
قيادة السيارات
فرصة عظيمة لاكتساب الأبناء مهارات نحتاجها جميعًا لنعيش حياة مستقلة وواعية.
ولكي تتقن قيادة
السيارة عليك التحلي بالمهارات الآتية:
- المبادرة بالالتحاق بمدرسة لتعليم قيادة
السيارات وإتمام جميع الحصص والنجاح في الاختبار العملي.
- الحرص على حضور حصص تعليم القيادة دون
إهمال مهامك الأخرى مثل تنظيم الوقت، الدراسة، ممارسة الرياضة، دروس
الموسيقى، أو الأعمال اليومية.
- الانتباه إلى العلامات المرورية.
- الانتباه إلى العديد من الأشياء التي تحدث
في نفس الوقت.
- تفعيل مهارات التخطيط وحل المشكلات واتباع
تعليمات القيادة وإدارة الوقت.
ممارسة الإشباع
المتأخر.
فإذا دق هاتفك
المحمول أثناء قيادتك سيارتك، لا تسرع بالرد أو حتى بالتقاطه حتى لا يتشتت انتباهك.
العمل لكسب المال
اللازم لشراء وقود السيارة، والتأمين عليها، وصيانتها.
وضع حدود للراغبين
في قيادة سيارتك مهما كانت درجة صداقتهم؛ بحيث لا يسمح بذلك إلا لمن يجيد القيادة،
ويحترم قواعدها، ويحمل رخصة قيادة، ويراعي مصالحك.
ينبغي ألا يسمح
الآباء لأبنائهم الذين يفتقرون إلى مهارة تنظيم المعلومات والوقت بالاشتراك في
مدرسة تعليم القيادة؛ إذ إنهم لا يستطيعون تحمل مسؤولية قيادة سيارة.
إدارة الإنفاق.
يعد عدم وضع حدود
للأطفال في إنفاق المال من مظاهر الخلل، كما يعد البذخ الذي يظهره الآباء في شراء
السيارات الحديثة، أو الملابس الباهظة الثمن، أو الإغداق على أبنائهم بأموال طائلة
-كشراء تذاكر حفلات موسيقية أو أشياء أخرى قد تكون غير ذات أهمية- مشكلة كبيرة.
لكن الأغلبية لا
تتمتع بمثل هذا الترف. ومع ذلك، حين يعطي الآباء أبناءهم مصروفهم، فإنهم يعطونهم
انطباعًا خاطئًا بأن الأشياء تُمنح مجانًا، دون كد أو تعب.
يجب أن يعرف
الأبناء قيمة المال منذ سن مبكرة حتى يستطيعوا إدارة الإنفاق بحكمة. ولذلك يُنصح
الآباء بأن يعلموا أبناءهم -سواء كانوا أطفالًا أو مراهقين- بتعريفهم قيمة المال
من خلال دعوتهم للمشاركة في دفع مبلغ، مهما كان بسيطًا، من:
·
فاتورة الهاتف
·
المستحقات الزائدة على استهلاك الإنترنت
·
تكاليف إضافة تطبيقات جديدة على الهاتف
المحمول أو الكمبيوتر
بعد إدراك الطفل
لكل هذه التفاصيل، يتحتم على الآباء أن يشركوا أبناءهم في عقد مقارنة بين عدد
الساعات التي يجب على الموظف المتوسط أن يعملها يوميًا نظير كسب مبلغ معين لسداد
هذه النفقات.
فتتضح لهم صورة
وأهمية المبالغ التي يصرفونها من دون تقدير أو تدبير.
إدمان الآباء
للإشباع الفوري.
لا يعتاد الأطفال
الإشباع الفوري إلا إذا كان آباؤهم قد وقعوا في نفس الفخ، فلا تلم أطفالك حين
يصيبهم التوتر إذا ما حدث عطل مفاجئ أو حتى بطء في الإنترنت؛ لأنك تصاب بنفس
الإحباط، وقد تفقد صوابك في كثير من الأحيان.
فكر لثوانٍ
معدودات وستجد أن هذا هو ما يحدث بالفعل.
يضاف إلى ما سبق
تعودنا نحن -البالغين- أن نحصل على أي كم من المعلومات نريده في أي وقت، وهو ما
ننتقده في أطفالنا، فنحن لا نستطيع العيش بلا هواتفنا الذكية أو حواسبنا الآنية؛
لأنها تطلعنا على آخر الأنباء، والبريد الإلكتروني، والمناسبات المهمة بنقرة زر،
فضلًا عن لعبها دورًا فعالًا في التواصل مع الزملاء والأصدقاء.
كما قد يصاب
البالغون بهوس مواقع التواصل الاجتماعي، فتجدهم يقضون ساعات طويلة في مشاركة الصور
أو الأخبار أو التعليقات على الفيس بوك وغيره. وقد أفاد كثير من البالغين أنهم
قاموا بإلغاء حساباتهم على تلك المواقع؛ لأنها تهدر الكثير من أوقات فراغهم، وذلك
بعد أن وجدوا أنفسهم يدخلون عليها عدة مرات في اليوم.
ولأن السرعة باتت
جزءًا لا يتجزأ من ثقافتنا، يصبح من المهم أن ينتبه الآباء إلى أنهم يشاركون من
دون قصد في غرس توقعات الإشباع الفوري في نفوس أبنائهم. ومن المؤكد أن هذا
الانتباه سيساعد الآباء على فهم أسباب فشل أبناء جيل الإشباع الفوري في مواجهة
الحياة حين يبلغون أشدهم.
الأطفال طيعون
وعقولهم مرنة.
الأطفال طيعون
وعقولهم مرنة ومستعدة دائمًا لاستقبال الجديد، والتعلم، والتأقلم، والتكيف مع
المتغيرات، ومواجهة المشكلات، وتجاوز العقبات؛ مثلما هم قابلون للتفوق والتألق
علميًا، واجتماعيًا، ورياضيًا، وعاطفيًا، وعقليًا.
لكن أهم ما يجب أن
يتعلمه الأطفال على الإطلاق هو أن الأشياء تصبح أكثر قيمة حين يجتهد الإنسان في
الحصول عليها؛ ومن ثم، فإن أكبر هدية يقدمها الآباء لأبنائهم هي تحفيزهم وحثهم على
وضع الخطط اللازمة لتحقيق أهدافهم بأنفسهم.
في النهاية، يتضح
أن غرس التفكير السليم لدى الأبناء لا يحدث مصادفة، بل هو ثمرة جهد مستمر، وصبر،
وفهم عميق لطبيعة الطفل واحتياجاته.
إن منح الأبناء
أدوات التفكير، وتعليمهم قيمة الجهد، وأهمية التخطيط وتحمل المسؤولية، هو أكبر إرث
يمكن أن يقدمه الآباء لأبنائهم.
فبناء العقول
القوية لا يقل أهمية عن بناء الأجساد السليمة، بل هو مفتاح بناء مستقبل أكثر
إشراقًا، لأن من تعلم كيف يفكر، تعلم كيف يعيش.
تعليقات
إرسال تعليق