القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف تؤثر السعادة على النجاح الشخصي والمهني؟ | ملخص كتاب أفضلية السعادة - شون أكور

في عالم يعج بالتحديات والضغوط اليومية، يبرز كتاب "رأس المال السعادة" كدليل عملي لتمكين الأفراد من تحويل صعوبات الحياة إلى فرص للنجاح الشخصي والمهني. يعتمد الكتاب على مجموعة من المبادئ النفسية والإستراتيجيات الإيجابية التي تهدف إلى تعزيز التفكير الإيجابي، تطوير العادات الجيدة، وبناء علاقات قوية. من خلال التركيز على تحسين الذات، وإدارة العواطف، وتوسيع دائرة التأثير، يساعد الكتاب القارئ على استثمار "رأس مال السعادة" لتحقيق التوازن الشخصي والمهني، وبالتالي الوصول إلى أعلى مستويات النجاح والرضا.



معلومات عن المؤلف:

شون أكور هو مؤلف ومتحدث تحفيزي أمريكي، متخصص في مجال علم النفس الإيجابي. يعد من أبرز الخبراء في كيفية تأثير السعادة على الأداء الشخصي والمهني. حصل على درجة الماجستير في علم النفس من جامعة هارفارد، حيث قام بتدريس موضوع السعادة والنجاح.

أكور يشتهر بهذا الكتاب الشهير "The Happiness Advantage" (أفضلية السعادة)، الذي يركز على العلاقة بين السعادة والأداء الناجح في الحياة والعمل. وفي هذا الكتاب، يعرض أكور كيف أن الأشخاص الأكثر سعادة يحققون نتائج أفضل في مختلف مجالات حياتهم، مما يعكس تأثير التفكير الإيجابي على الإنجاز الشخصي والمؤسسي.

من خلال أبحاثه، يساهم أكور في تعزيز أهمية تطوير عقلية إيجابية في بيئة العمل، ويركز على كيفية استخدام السعادة كأداة لتحفيز الأداء وتحقيق النجاح.

أكور هو أيضاً مؤسس مؤسسة "Good Think Inc."، التي تهدف إلى نشر مفاهيم السعادة والإيجابية في المؤسسات التعليمية والتجارية حول العالم.


السعادة قبل النجاح.

يظنّ معظم الناس في كل أنحاء العالم أن السعادة هي إحدى النتائج المباشرة للنجاح. فمن يعمل ويجتهد ويحقق كل أهدافه، أو حتى بعضها، سيكون سعيدًا لا محالة. لذلك، يحدث أن نقنع أنفسنا دائمًا – في اللاوعي – بأننا إن نجحنا، فسنكون حتمًا سعداء.
وهذا يعني أن النجاح ليس هدفًا بحد ذاته، بل هو محفّز ومنشّط للسعادة. كثيرًا ما نقول لأنفسنا مثلًا: إذا حصلتُ على تلك الوظيفة المرموقة، أو تمتّعتُ بأعلى زيادة في الراتب، أو حققنا هدفًا معينًا، أو فزنا بإحدى جوائز التميّز، أو خسرنا بضع كيلوجرامات من الوزن، فسنكون إذن سعداء. وهذا يعني ببساطة أن النجاح يجب أن يأتي أولًا، ثم تلحق به السعادة.

لكن هذه المعادلة والشروط السابقة غير صحيحة، بل هي مقلوبة؛ فلو كان النجاح حقًا هو سبب السعادة، لكان كل موظف يحصل على ترقية، وكل طالب يُقبل في الجامعة التي يحلم بها، وكل من يحقق هدفًا قريبًا أو بعيدًا، من السعداء.
وكلما وُفِّق أحدنا وحقق بعضًا أو معظم ما يصبو إليه، كلما ارتفع سقف توقعاته، وتصاعدت طموحاته، وراح يكدّ لتحقيق ما هو أعلى وأصعب وأكبر، وربما ما هو فوق طاقاته؛ مما يجعل السعادة هدفًا متحرّكًا وأمرًا يصعب أو يتعذّر تحقيقه في كثير من الأحيان.

المهم في هذه المعادلة أنها لا تعمل في اتجاهين متقابلين، بل هي مقلوبة تمامًا. وبعدما اكتشف الباحثون في مجالات "علم النفس الإيجابي" و"تشريح الدماغ والأعصاب" أن السعادة تسبق النجاح، أدركوا أنها تبث طاقة إيجابية قوية تقود إلى النجاح، لأنها تعزّز مستوى الأداء، وتدفع إلى الإنجاز، وتوفر ميزة تنافسية استثنائية تُسمّى: "نعمة السعادة".
فإذا أردت أن تحقق نجاحًا مرموقًا في عملك، عليك أولًا بتوفير مناخ يسوده الأمل في بيئة العمل.


هارفارد والفردوس المفقود.

حين سطّر "جون ميلتون" قصيدته المشهورة "الفردوس المفقود" منذ حوالي ثلاثة قرون، كانت جامعة "هارفارد" العريقة قد تأسست. ربما يثير هذا بعض اللبس، أو يجعلنا نتساءل عن العلاقة بين القصيدة والجامعة.

لم يكن "ميلتون" يتوقع أنه في قصيدته قد تنبّأ بما سيحدث في "هارفارد"، التي يعتبر الطلبة – في البداية – أن مجرد وجودهم فيها إنجاز وامتياز. ولكن ما أن تمضي على بدء دراستهم فيها بضعة أسابيع، حتى يبدأوا بالضجر والشكوى، ويعانون من قلّة النوم، والضغوط النفسية التي تفرضها عليهم شدة المنافسة وكثرة الأبحاث العلمية.

فبدلًا من التمتع بالمستقبل الزاهر والفرص الواسعة أمامهم، نجد كثيرين من طلاب "هارفارد" يصابون بالإحباط الشديد.
وبدراسة حالات هؤلاء الطلاب، خلص الباحثون إلى أن نسبة كبيرة منهم تصاب بالاكتئاب، ويسارع بعضهم إلى الانقطاع عن الدراسة أو التحوّل إلى جامعات أخرى بسبب تردّي أدائهم الدراسي.

أماطت الطروحات السابقة اللثام عن كثير من الحقائق التي أخفتها إمكانات "هارفارد" وبريقها، فبالرغم من امتلاء قاعاتها بغيرة الطلاب، نجد أن معظم هؤلاء يعانون من الاكتئاب المزمن.

 

الطاقة الإيجابية تنتج من تفعيل الإيجابيات لا من تسكين السلبيات.

بإسعاد الناس، وإن كانت السعادة ذات أصول متجذّرة في أعماق الإنسان، فإنه سيتحمّل التوتر، ويرى في الضغوط تحديات يرتقي بأدائه من خلالها لمواجهتها وتحقيقها.
وقد وجد الباحثون أيضًا أن علاج الاكتئاب لا يكون فقط من خلال التركيز على السلبيات أو تقليلها، بل الأهم هو تعزيز الإيجابيات وتقوية نقاط القوة، لأن التركيز على معالجة السلبيات وحدها قد يحسن الأداء لمستوى متوسط أو عادي فقط.

لكن بلوغ أعلى مستويات الأداء والتميّز، يتطلب أن نبدأ من مستوى جيد، وأن نبني على نقاط القوة وننميها، ونُفعّل السعادة الكامنة فينا ونُدركها.
فمن يسعى فقط إلى تحييد السلبي أو إخفائه، لا يستطيع أن يتجاوز حدود العادي إلى المستوى الاستثنائي، ولا يمكنه الانتقال من مجرد القبول إلى التمكين، مهما بذل من جهد أو استهلك من موارد.

وهنا يبرز تساؤل: لماذا ندرس البؤس والشقاء أكثر مما نبحث في السعادة والرخاء؟
في إحصائية أجريت عام 1998 شملت مراجعة لأبحاث علم النفس، تبين أن هناك 17 دراسة نفسية ركزت على المشكلات ونقاط الضعف والحالات السلبية، مقابل دراسة واحدة فقط تناولت التفاؤل ومواطن القوة والحالات الإيجابية.
بعبارة أدق، مقابل كل دراسة تتناول سعادة البشر ورفاههم وعوامل ازدهارهم، هناك 17 دراسة تركز على كآبتهم وإحباطهم وأسباب فشلهم.

وهذا يدل على أن من السهل أن يغرق أي مجتمع في غياهب الحزن والتعاسة بدلًا من التطلّع نحو الإنجاز.
كما يقودنا هذا نحو نتيجة حتمية، وهي أن تحقيق الأحلام لا يتم فقط بالإصرار على إتمام المهام بأي شكل أو بأي تكلفة، فليس الترهيب كالترغيب، ولا تكون نتائج الإنجاز والإبداع إلا من خلال التحفيز والتوجيه الإيجابي، وتجاهل الضعف في داخل كل إنسان.

وهكذا تمخضت تجارب علم النفس الإيجابي عن نتائج غيّرت مفاهيم السعادة على المستويين الأكاديمي والتطبيقي.
فكانت النتيجة أن توصل علماء النفس الإيجابي إلى سبعة مبادئ أو مداخل تقود الإنسان نحو النجاح وتحقيق الأهداف، وهي:

1.   نعمة السعادة وميزتها الكامنة.

2.   الرافعة: أي الإمكانات والطاقات البشرية.

3.   محور الارتكاز: أي عقلية الإنسان.

4.   الترييز الإيجابي (التركيز على ما هو إيجابي).

5.   تحويل الصدمات إلى تحديات وإنجازات.

6.   تحويل العادات السلبية إلى عادات إيجابية.

7.   استثمار التلاحم المجتمعي (لأنك إن لم تستعن بأهلك، ستهلك).


نعمة السعادة في بيئة العمل.

من المدهش حقًا أن نجد أرباب البنوك والمؤسسات المالية هم أول من حاولوا استثمار "ميزة السعادة"، رغم الضربة القاصمة التي تعرّض لها الاقتصاد العالمي عام 2008.
فقد بدأ خبراء المال والأعمال يدرسون تأثير المنحى الإيجابي في تحويل بيئة عملهم من حافة الخطر المليئة بالإحباط، إلى حالة مفعمة بالإيجابية والسعادة والنجاح.

كيف تحصّن نفسك من الضغوط؟

أجرى الباحثون دراسة تجميعية شملت أكثر من 200 بحث، وضمت عينة تتكون من 275,000 شخص من مختلف أنحاء العالم.
أثبتت الدراسة أن السعادة تقود الإنسان نحو النجاح في كل مجالات الحياة: في العمل، والصداقة، والصحة، والتفاعل المجتمعي، والابتكار، والطاقة.

ومن هنا، ندرك أن مبدأ "نعمة السعادة" يحثنا على الثقة بإمكاناتنا، وتمتين مواطن قوتنا، وغرس منهج فكري وسلوكي إيجابي في داخلنا وداخل من حولنا، لنحقق نتائج باهرة وإنجازات عظيمة.

فميزة السعادة ليست مجرد فكرة أو مبدأ نظري، بل هي ممارسة يجب أن تنعكس في أخلاقيات العمل، وفي سياسات ولوائح المؤسسات، ويتم تطبيقها بجدية.
فالسعادة لا تعني أن نصدّق أننا لا نحتاج إلى التغيير، بل أن نعترف بأننا نستطيع تحقيق هذا التغيير بأريحية وإيجابية، على المستوى الفردي والمجتمعي معًا.

مرونة الدماغ وإمكانية التغيير.

يقول البعض: "أنا شخص خفيف الظل ولن أتغير."
"
أنا تعيس بطبعي."
"
بعض الناس سلبيون بطبيعتهم، ولن يتغيروا."

هكذا يسير النسق الفكري الذي غُرس في عقول بعضنا بفعل العادات والثقافات. لكن لهذا النسق خطورته، فهو يجعلنا نصدق عجزنا عن التغيير، ونؤمن بأن إمكاناتنا الجسدية أو الحيوية محدودة، وأن الدماغ يصل إلى تمام نضجه ببلوغ سن المراهقة، ولا يمكن لأحد تغييره، وأنه من غير المجدي أن نحاول ذلك.

ومن ثم، يرى المتشائمون أن السعادة تفقد جدواها في التحفيز على النجاح، فمن لا يستطيع تغيير عقله، لن يستطيع تحويل حالته النفسية من التعاسة إلى السعادة.

لكننا نعتبر هذا التصور من الأوهام التي غرسها الفكر الحديث في عقولنا. فقد اكتشف علماء تشريح الدماغ ما يُسمى بـ"المرونة العصبية" أو "الخاصية المطاطية للدماغ"، والتي تعني قابليته للتغير والتطور تبعًا لنمط حياة الإنسان.

لقد غيّرت هذه الحقيقة العلمية تفكير الباحثين الذين كانوا يتمسكون بمبدأ ثبات الدماغ، ووضعتهم أمام تحديين رئيسيين:

أولًا: يتمتع بعض الناس بحجم كبير في منطقة جذع الدماغ لأنهم يعيشون في مدن ذات شوارع ضيقة ومعقدة، مثل سائقي سيارات الأجرة في "لندن"، الذين يجوبون شوارعها المتشابكة، شديدة الشبه بمتاهات القصور البيزنطية. إنّ قيادتهم المتواصلة وسط هذه التعقيدات تنمّي لديهم ذاكرة مكانية فائقة.

ثانيًا: يتمتع جذع الدماغ بقابلية للنمو والامتداد نتيجة ممارسة أنشطة معينة، كقيادة السيارة في أماكن وعرة، أو بسرعة عالية تتطلب تركيزًا شديدًا وجرأة، فيتكيف معها الدماغ حتى يألفها.

 

قصة "روجر" والتغيير.

روجر شاب عاش حياة عادية، حتى فقد بصره نتيجة تعرّض عينيه لرشّة من مادة كيميائية سامة أثناء عمله في مختبر المدرسة الثانوية. لم يكن أمامه سوى تعلم القراءة بطريقة "بريل"، التي يستخدم فيها سبابته اليسرى لتحسس الحروف وقراءتها.

لفتت حالته انتباه أطباء الدماغ والأعصاب المهتمين بمسألة تغيّر شكل الدماغ، فقاموا بوضعه تحت جهاز الرنين المغناطيسي لرصد استجابة دماغه.

عندما سلطوا الأشعة على يده غير المستخدمة في القراءة، أضاء جزء صغير من الدماغ. لكن حين عرضوا سبابته المدربة لحروف "بريل"، أضاء جزء كبير من القشرة الدماغية بضوء باهر، يشبه ضوء مصباح "هالوجين".

وقد فسر العلماء هذا الاكتشاف بطريقتين:

1.   الدماغ يستعد للتغير مسبقًا: فالبشر يمتلكون جينات ذكية، وكأن سبابة روجر كانت "مهيأة" منذ ولادته لتتولى مهمة القراءة عند الحاجة.

2.   الدماغ يتكيف: أي أن الدماغ قابل للتكيف ويتغير استجابةً لتغيّر ظروف الإنسان وأحواله.

نعم، يخطئ من يعتقد أن الدماغ لا يتغير، فالعلم أثبت هذه الحقيقة بالدليل القاطع. يتمتع الدماغ بمرونة فطرية غير عادية، تمكن الإنسان من تطويع قدراته الذهنية وتحقيق المزيد من الأهداف، وتفعيل العديد من المبادئ الأخلاقية النبيلة التي تبدأ من الإيمان بـ"نعمة السعادة".

 

المبدأ الأول: نعمة السعادة.

كيف تمنحنا السعادة ميزات تنافسية شخصية ومؤسسية؟

في عام 1543، نشر "كوبرنيكوس" كتاب "حركة الأجرام السماوية"، وقبل ذلك كان العالم يعتقد أن الأرض هي مركز الكون، وأن الشمس تدور حولها. لكن "كوبرنيكوس" أثبت أن العكس هو الصحيح، وأن الأرض هي التي تدور حول الشمس. كان هذا الاكتشاف العلمي نقطة تحوّل غيّرت نظرة البشرية إلى الكون.

وبناءً على هذا المنطق، حدثت طفرة في علم النفس؛ إذ طالما اعتقد العلماء أن النجاح هو أساس السعادة، وكأن النجاح شمس والسعادة كوكب يدور في فلكه. لكن، بفضل التقدّم في علم النفس الإيجابي، تبيّن أن العكس هو الصحيح: حين نشعر بالسعادة، نشعر بالقوة، وتنفتح عقولنا، ويتحسن مزاجنا، ونصبح أكثر ذكاءً وحماسًا، وبالتالي أكثر نجاحًا.

 

كيف يعرّف العلماء السعادة؟

السعادة تجربة يعيشها الإنسان حين يمتلئ عقله وقلبه ووجدانه بمزيج متوازن من المشاعر الإيجابية والمتعة الذهنية، المعززة بالمقاصد والمعاني الأخلاقية.
من هذا المنطلق، تصبح السعادة مرادفًا لحسن المزاج في الحاضر، والتفاؤل بمستقبل مزدهر.

 

أيهما أولًا: السعادة بذرة أم ثمرة؟

أثبتت أبحاثنا أن الموظفين التعساء يأخذون إجازات مرضية أكثر، ويلزمون الفراش بمعدل يوم وربع كل شهر، أي ما يعادل 15 يومًا إضافيًا سنويًا.

كما تبيّن أن السعادة هي سبب في تحسّن الحالة الصحية، وليست مجرد نتيجة لها.

في إحدى الدراسات، تم حقن مجموعة من المتطوعين بفيروس الزكام. وبعد مرور أسبوع، ثبت أن الأفراد الأكثر سعادة كانوا أكثر مقاومة للفيروس، رغم أنهم لم يتعافوا بسرعة أكبر، لكن الأعراض لديهم كانت أقل حدة. فقد عانوا من سعال والتهاب واحتقان أقل من غيرهم.

وهذا يُعطي دلالة قوية أن قادة المؤسسات الذين يسعون لغرس ثقافة السعادة سيجدون:

  • موظفين أكثر اجتهادًا.
  • انخفاضًا في معدلات الغياب.
  • تراجعًا في تكاليف التأمين الصحي.

 

استثمار نعمة السعادة.

فيما يلي بعض الطرق المجربة لرفع الروح المعنوية، وتحسين الحالة المزاجية، وزيادة مستوى السعادة في حياتنا اليومية. إذ تساهم هذه الأنشطة في تعزيز المشاعر الإيجابية:

  • التأمل: توصل أطباء الأعصاب إلى أن التأمل ينشّط القشرة الدماغية الأمامية، المسؤولة عن السعادة. فقط عشر دقائق يوميًا من التنفس المنتظم تساعدك على الصبر وتقلل التشتت الذهني، وتعيد إليك التركيز بهدوء.
  • التفاؤل: تطلّع إلى كل ما هو إيجابي، واملأ بيئتك بذلك.
  • فعل الخير: الإيثار يقلل التوتر، ويحسن الحالة النفسية والعقلية.
  • ممارسة الرياضة.
  • تنمية مواطن القوة: عندما تستثمر أحد مواطن قوتك الشخصية، تشعر بتدفّق من الطاقة الإيجابية ينتقل إليك وإلى من حولك.

المبدأ الثاني: الرافعة ومحور الارتكاز.

غيّر أداءك بتغيير تفكيرك.

يعتمد هذا المبدأ على عاملين أساسيين:

1.   الرافعة تمثّل إمكانياتك: فكلما زاد طولها (أي مدى سعة تفكيرك وقدراتك)، زادت قوتها وتأثيرها.

2.   محور الارتكاز يمثل عقليتك: عندما تنظر إلى الأمور من زاوية إيجابية، تستطيع توليد قوة داخلية تغيّر حياتك، وتدفعك نحو الإنجاز الفعّال.

 

غير عقليتك لتغيّر واقعك (الجمال وجهة نظر).

طبقًا لنظرية النسبية لأينشتاين؛ فإن جميع القوانين والمسلمات التي نظنها ثابتة، هي في الحقيقة قابلة للتغيير، بما في ذلك تلك التي تبدو لأول وهلة غير قابلة للمساس. ففي عالمنا، حدثت أمور كانت تُعدّ مستحيلة.

كل ثانية من حياتنا لا تُقاس إلا بعقولنا، التي تتميز بخصوصية وثبات في آنٍ معًا. وبعبارة أدق: الواقع ليس سوى انعكاس لما تدركه عقولنا. الأهم من ذلك أن نظرتنا إلى نفس الحدث يمكن أن تتغيّر أكثر من مرة، وبالتالي تتغير نظرتنا إلى العالم المحيط بنا.

وهكذا يتحرك محور الارتكاز الموجود في عقولنا، فتتغير نظرتنا إلى الأشياء. فالعقل ليس مساحة من الجمود والثبات، بل هو مجال دائم التطور والتحول.

 

عندما تثق بنفسك يحدث التغيير الإيجابي.

مجرد اقتناعك بأنك قادر على التغيير الإيجابي في حياتك يزيد من حماسك، ويرتقي بأدائك المهني، ويحول النجاح من حلم بعيد إلى حقيقة ممكنة.

فقد أُجريت دراسة على 112 محاسبًا، وُجد فيها أن من كان واثقًا من قدرته على إنجاز المهمة في وقتها، تمكن فعلاً من إتمامها، بل وحصل على أفضل تقييم من رؤسائه.

ثقتك بقدرتك على إنجاز شيء ما تمنحك جودة وتميزًا يفوقان المهارات التي تملكها فعليًا أو حتى التدريب الذي تلقيته. لأن القدرات الكامنة داخل العقل البشري يمكن صقلها بالتجربة والتدريب والاستخدام المستمر.

أما نقاط الضعف، فيمكن تحييد آثارها السلبية بالتدريب والمحفزات المناسبة، وأقصى ما يمكن فعله هو تحريكها من منطقة “ضعيف” إلى منطقة “مقبول” أو حتى “جيد”.

 

المبدأ الثالث: تأثير لعبة "تتريس" (مسح الصور السلبية من العقل والعين) .

تدريب العقل على استثمار الإمكانات.

لعبة "تتريس" من أسهل الألعاب الإلكترونية وأكثرها خداعًا للعقل. على شاشة الحاسوب، تسقط من الأعلى أشكال هندسية متنوعة، وعلى اللاعب أن يحرّكها أو يدورها حتى تتراص في خط مستقيم بأسفل الشاشة.

بمجرد أن تكتمل هذه الخطوط، تختفي الأشكال، ويكافأ اللاعب. قد تبدو اللعبة مملة في ظاهرها، لكن الكثيرين يُدمنونها، والسبب في ذلك يعود إلى تأثير نفسي عميق.

هذا التأثير يحدث بسبب ما يُعرف بـ**"الصورة الذهنية الثابتة"،** وهي ظاهرة تشبه النقاط الخضراء أو الزرقاء التي تظهر في عينك بعد التقاط صورة بكاميرا فلاش. تبقى تلك الصورة لحظات في ذاكرتك البصرية، فتظن أنك تراها في كل مكان.

وبالمثل، تكرار أنماط معينة في الألعاب أو الحياة يجعل العقل يختزنها، ويعيد إنتاجها تلقائيًا، حتى خارج سياقها. وهذا ما يفعله العقل السلبي حين يكرر الصور السلبية، أو العقل الإيجابي حين يُدرّب على استثمار الصور والنماذج النافعة.

 

تأثير "تتريس" في بيئة العمل.

من المؤكد أننا نعرف شخصًا أو أكثر يعاني من أحد أشكال "تأثير تتريس". ما أعنيه هنا هو أن تعرف شخصًا لا يستطيع الخروج من إطار نمط معين من التفكير أو السلوك. حتى في المؤسسات الكبرى والراقية، تجد مثل هؤلاء الأشخاص الذين يتمسكون بالتفكير الأحادي ولا يرون إلا الأمور السلبية. هم يبحثون عن الضغوط ويتذكرونها، وعن المتاعب ويثيرونها، ويتركونها تدور في حلقات متتابعة تشغل دوائر وبؤر تركيزهم.

لكن ثمة أخبارًا سارة يقدمها لنا علم النفس الإيجابي. يمكن لكل إنسان أن يدرب عقله على الابتعاد والتركيز على كل ما هو إيجابي وبناء وقوي. فكل موقف - حتى السلبية منها - يحمل إيجابيات كامنة يمكننا استكشافها، حتى نصبح خبراء في استثمار رأسمال السعادة.

مثال على ذلك، في شركة "كي بي إم جي" للاستشارات المالية، يقضي الموظفون من 8 إلى 14 ساعة في مراجعة الكشوف والقوائم الضريبية بحثًا عن الأخطاء التي قد تحتويها. هذا بالطبع يثقل عقولهم ويركز انتباههم على تفادي الأخطاء. هذا يجعلهم متميزين في عملهم، حيث يكون التميز هو اكتشاف أكبر عدد من الأخطاء. لكن الخبرة التي يكتسبونها في التنقيب عن الأخطاء والعيوب والمشكلات المدسوسة في ثنايا الأرقام تتحول إلى عادة سرعان ما تتسرب إلى مختلف مناحي حياتهم لتقلبها رأسًا على عقب.

 

تحويل تأثير "تتريس" إلى قوة إيجابية.

عقولنا تميل إلى البحث عن الإيجابيات والتركيز عليها. وعندما نفعل ذلك، فإننا نجني ثمار ثلاث أدوات متاحة لنا: السعادة، الرضا، والتفاؤل.

لنأخذ التفاؤل كمثال: كلما بحث عقلك عن أشياء إيجابية، كلما تكرر سلوكك الإيجابي، وزادت هذه المشاعر الإيجابية. يعد التفاؤل من أقوى مؤشرات ارتفاع مستوى الأداء الوظيفي. فالمتفائلون يضعون أهدافًا أكبر وربما أصعب من تلك التي يضعها المتشائمون، ثم يبذلون جهدًا كبيرًا لتحقيقها. كما يزيد إنجازهم بتخطي الصعوبات بسهولة، لأنهم يرون أن التحديات قابلة للتخطي.

 

المبدأ الرابع: السقوط إلى أعلى.

استثمار الإخفاقات وتحويلها إلى تحديات.

عقل الإنسان يشبه الخريطة المقسمة إلى طرق وشوارع وميادين. وعندما يتعرض البشر لأزمات أو مصاعب، تجد خريطتهم العقلية تنقسم آليًا إلى ثلاثة طرق رئيسية:

1.   الطريق الأول: حيث يدور الإنسان حول نفسه، مركزًا على مشكلته، فيعيق نفسه عن التقدم ويتوقف عند النتيجة السلبية، ويظل عالقًا في مكانه.

2.   الطريق الثاني: وهو أسوأ من الأول، حيث يواجه الشخص الخوف من المواجهة، ويصاب بالشلل الذهني والخوف من التحديات القادمة.

3.   الطريق الثالث: وهو الطريق الذي يقود الشخص إلى فتح طرق جديدة بعد السقوط، مؤديًا إلى "شارع القوة" و"ميدان التحفيز."

الوصول إلى الطريق الثالث هو أصعب ما يمكن أن يواجهه البشر في المواقف الصعبة. فعند مواجهة أزمة مالية أو أية أزمة أخرى، تبدأ عقولنا في رسم خرائط غير مكتملة، ولسوء الحظ، نتمكن غالبًا من رؤية الطرق الوعرة فقط، بينما نتجاهل الطرق الممهدة.

 

الضربة التي لا تقصم ظهري تقويني.

الضغوط والكوارث، مثل الأمراض المزمنة، السرطان، الأزمات القلبية، والحروب، هي من أقسى ما يمر به البشر. لكن الدراسات أظهرت أن الشدائد قد تكون محفزات للنمو والازدهار. فقد أثبت علماء النفس أن معظم النساء اللواتي أصبن بسرطان الثدي، تمكّنَّ من التغلب على معاناتهن بشكل ملحوظ. لقد ازدادت شفافيتهن وتعاطفهن مع الآخرين، وانفتحن على العالم الخارجي، وأصبحن أكثر رضا عن حياتهن.

وقد أكد بعض من تعرضوا لصدمات شديدة أنهم اكتسبوا قوة نفسية هائلة وزادت ثقتهم بأنفسهم.

 

المبدأ الخامس: دائرة أسطورة "زورو"

العلاقة بين التركيز على دائرة أهدافك الصغيرة وإدارتها وبين توسيع دائرة تأثيرك (كن متفانيًا في القليل لتتمكن من الكثير) .

تروي القصة أن بطلًا مقنعًا يُدعى "زورو" جاب الولايات الأمريكية الجنوبية ليقاتل مع الفقراء والمشردين ويدافع عن المقهورين الذين لا يستطيعون الحصول على حقوقهم من أصحاب الأرض ورعاة المزارع في السهول الأمريكية.
الحكاية لا تذكر مواطن قوة "زورو" فحسب، بل تركز أيضًا على نقاط ضعفه. في بداية الأمر، لم يكن باستطاعته أن يقوم بكل هذه الخوارق التي أدهشت الناس. فكلما حاول الطيران، سقط، وكان يفتقد الشجاعة بسبب كثرة محاربيه.
ظل "زورو" هكذا حتى حار في قواه، وأصابته حالة من اليأس والفشل. هنا، جاء معلم المبارزة "دون دييجو" ليعيد ترتيب أفكاره ويقوي مواطن قوته ويجعله بطلًا مقاتلًا. علمه أن النصر لا يتحقق إلا بالتفاني وإدارة الوقت والذات في الزمان والمكان.

قام "دون دييجو" برسم دائرة صغيرة على الأرض وطلب من "زورو" أن يتدرب داخل هذه الدائرة فقط. ومع مرور الوقت وكثرة التمرين، بدأ "زورو" يحقق تقدمًا ملموسًا، حتى سمح له معلمه بالانتقال إلى مهام أكبر وأكبر. وهكذا أصبح بطلًا؛ حيث بدأ بتحقيق الأهداف البسيطة ثم تطور ليحقق الإنجازات الكبيرة.

 

دائرة التأثير.

تعد أسطورة "زورو" رمزًا قويًا لقدرتنا على تحقيق أعظم الأهداف في حياتنا الشخصية والمهنية على حد سواء. ويُعتبر التركيز على سلوكياتنا من أهم محفزات النجاح؛ إذ أن إيماننا بأننا نستطيع السيطرة على مستقبلنا وتشكيله يمكننا من تحقيق الأهداف والإنجازات.
الشعور بالسيطرة على مقاليد الأمور هو مفتاح كل شيء. فلا يجب التركيز في أشياء كثيرة في وقت واحد، بل الأفضل أن نركز جهودنا على تحقيق أهداف بسيطة أولًا، ثم نطورها تدريجيًا. عندما نوجه جهودنا نحو تحقيق عدد محدد من الأهداف، ثم نرى ثمار تلك الجهود، نجد أنفسنا نتمتع بثقة أكبر، مما يؤدي إلى توسيع دائرة تأثيرنا، وتوجيه طاقتنا المتنامية نحو تحقيق أهداف أعظم.

مشكلة العقل البدائي.

أثبت عالم النفس دانييل جولمان (صاحب نظرية الذكاء العاطفي ومؤلف كتاب "التركيز") أن "قرع طبول الحرب العاطفية" يشتت تركيزنا في حياتنا المهنية. فعندما تتراكم الضغوط، وخاصة في بيئة العمل، نبدأ في فقدان السيطرة على أعصابنا. فسرعان ما نثور ونتفجر في وجه أول من نقابله. وهذا هو ما يفعله عقلنا البدائي: هو الذي يتحكم فينا ويجعلنا نتصرف بالإحباط والانهيار، مما يؤدي إلى إهدار طاقتنا في أعمال غير مفيدة.
النتيجة الحتمية لذلك هي هبوط حاد في القدرة على اتخاذ القرارات والإنتاجية والفعالية. وبعبارة أدق: يصاب العقل المفكر بالانهيار، مما يهدد الأفراد، وفرق العمل، وأحيانًا المؤسسات بعواقب وخيمة.

 

مواجهة العقل البدائي المتوحش.

في إحدى الشركات الكبيرة، اكتشف الباحثون أن المديرين الذين يعانون من صعوبة إدارة الضغوط والضغوط العاطفية يؤثرون بشكل كبير في إدارة مرؤوسيهم. وبالتالي، فإنهم لا يحققون مستويات الأداء المطلوبة، مما يؤدي إلى انخفاض ربحية المؤسسة أو أدائها.
العقل البدائي يمكن أن يهاجم حتى المؤسسات الكبيرة، ويُسقطها من عليائها بسبب التشويش وتراكم الضغوط. يرى علماء الأعصاب أن الخسائر المالية تنشأ من نفس المنطقة التي تُطلق منها إشارة "حارب أو اهرب" داخل المخ البشري. وبعبارة أخرى: من العقل البدائي الذي يفضّل العواطف على المنطق. نحن نواجه انخفاضًا في الأرباح أو أرصدتنا في البنوك بنفس الطريقة التي كان الإنسان الأول يواجه بها تهديدات مثل النمر.

إذا وصلنا إلى حدود دائرة "زورو"، علينا أن نوسعها بلا خوف أو تردد، وأن نواجه الصعاب بكل شجاعة، مثلما يواجه "زورو" المفترس.

 

المبدأ السادس: قاعدة العشرين ثانية.

كيف تحول العادات السلبية إلى إيجابية؟

قد تبدو العبارة السابقة أسهل في القول منها في الفعل. فكيف يمكننا غرس العادات الإيجابية في المقام الأول؟ وضع عالم النفس ويليام جيمس عددًا من القواعد التي تساعد على ذلك، وأطلق عليها اسم "منظومة الجهد اليومي". ربما يقول البعض إن "جيمس" كان يشير إلى ضرورة بذل الجهد المستمر، لكن جيمس كان يتفكر في أمرٍ لم يفكر فيه من قبله. قال جيمس إن تكرار السلوك لا يتجذر في داخلنا إلا إذا لم يقطعه قاطع أو مانع، أو لم يعطله معطل. فالعقل يتعود على تفعيل هذا التصرف استجابة للتكرار، حتى وإن استمر عشرين ثانية فقط يوميًا.

نواجه كل يوم تجارب جديدة، ونتعلم أشياء جديدة، وندرك حقائق جديدة. كلما تكررت هذه التجارب، تتغير عقولنا لتعكس المستجدات. يحتوي المخ البشري على بلايين من الخلايا العصبية التي تتشابك وتتواصل مع بعضها لتشكيل مسارات عصبية جديدة مع كل لحظة. تتنقل التيارات الكهربائية عبر هذه المسارات، وتكون الأفكار والتصرفات. كلما كررنا التصرف نفسه وبنفس الأسلوب، زاد عدد الروابط بين الوصلات العصبية، وازدادت سرعة انتقال الرسائل عبرها، مما يجعل السلوك يتحول إلى عادة.

هذه هي الطريقة التي تجعلنا أكثر مهارة في ممارسة الأنشطة. على سبيل المثال، إذا قمت بتدريب نفسك على قذف ثلاث كرات هواء، في البداية تكون المسارات العصبية غير مفعلة، والرسائل تنتقل بينها ببطء. ولكن مع التكرار، تصبح المسارات أقوى وتتسع، وستلاحظ أنك تصبح أسرع وأكثر مهارة. مع مرور الوقت، تصبح هذه المهارة عادة، ويُصبح من السهل عليك القيام بها دون الحاجة إلى بذل جهد كبير.

 

تكوين عادات صحية في 20 ثانية.

يمكن تطبيق قاعدة الثواني العشرين لاكتساب أي عادة صحية جيدة. على سبيل المثال، أثبتت الدراسات أن تقليص معدلات استهلاك "الآيس كريم" يمكن أن يتم بشكل ملحوظ بمجرد إغلاق باب ثلاجة الآيس كريم. فقد تم إجبار بعض الأفراد على شراء الحلويات من أماكن بعيدة تتطلب الوقوف في صفوف طويلة، مما أدى إلى تقليل عدد الأشخاص الذين يتوجهون لشراء الحلوى.


كلما احتجنا إلى وقت وجهد أكبر للوصول إلى ما نريد، أصبح من الصعب الاستمرار في سلوكيات غير صحية. بناءً على ذلك، يوصي المختصون بتخزين الأطعمة الصحية في الثلاجة، مما يسهل الوصول إليها واستخدامها بسرعة بدلاً من انتظار الوجبات السريعة الغنية بالدهون.

 

المبدأ السابع: استثمار العلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية.

يواجه البشر في حياتهم اليومية العديد من الضغوط والتحديات، خصوصًا في مجال العمل. لكن الكثير منهم لا يدركون أن أهم حافز لمواجهة هذه الضغوط هو الدعم الاجتماعي والعلاقات الإنسانية، مثل الأهل، والزملاء المحترفين، والأصدقاء الحقيقيين. هؤلاء هم أسمى وأثمن الأصول في الحياة.

لكن في ظل ضغوط العمل المتزايدة، غالبًا ما يغفل الناس عن هذه الحقيقة ويميلون إلى الانطواء والإغلاق على أنفسهم، مما يؤدي إلى شعورهم بالفشل في العمل وحيدين. هذا قد يؤدي بهم إلى الطريق المسدود.

 

التلاحم المجتمعي والدعم المؤسسي في مواجهة الأزمات.

عندما انهار الاقتصاد العالمي وتعرضت البورصات للهبوط، وجد العديد من أصحاب الأعمال أنفسهم في حالة من اليأس، حيث انكفأوا على أنفسهم بدلاً من البحث عن الدعم المجتمعي والمؤسسي. في تلك الفترة، تراجعت الشركات عن تقديم خطط تدريبية، وقامت بتقليص امتيازات موظفيها، بل حتى تجنبوا الاستفادة من مشورة موظفيهم.

ولكن الحقيقة هي أن أكثر الناس نجاحًا هم من يعتمون على بناء العلاقات الاجتماعية. على العكس من الانطواء، نجد هؤلاء يسرعون في اللجوء إلى أصدقائهم لطلب الدعم والمساعدة. بدلاً من التخلي عن التدريب أو تقليص المميزات، يطرحون المزيد من المبادرات التي تدعم استراتيجيات الاستثمار البشري. هؤلاء الأشخاص ليسوا فقط أكثر سعادة، بل أيضًا أكثر إنتاجية ومرونة، وهم يدركون أن علاقاتهم هي أحد أهم استثماراتهم في "بنك السعادة".

حين نبدأ في استثمار رأس مال السعادة أو "نعمة العادة" في حياتنا، سنلاحظ أن الإيجابيات تتوالى علينا كما يتساقط المطر. وهذا هو ما جعل علم النفس الإيجابي من أكثر العلوم تأثيرًا وقوة. الجمع بين المبادئ السابقة لا يعزز فقط شعورنا بالسعادة، بل يشعل أيضًا شرارات النجاح بداخلنا. مع مرور الوقت، تتضاعف مكاسبنا العاطفية والمادية على حد سواء، لتنتشر هذه المكاسب تدريجيًا في محيطنا. فتبدأ طريقة عملنا في التحسن، وتتحول المؤسسات إلى أماكن أكثر سعادة ونجاحًا وازدهارًا.

 

الخاتمة:

في ختام هذا الكتاب، يتضح أن السعادة ليست مجرد شعور عابر، بل هي رأس مال يمكن استثماره لتحقيق النجاح في مختلف جوانب الحياة. من خلال تبني العادات الإيجابية، والتفكير المتفائل، والاستثمار في العلاقات الاجتماعية، يمكن لكل فرد أن يُحوّل تحدياته إلى فرص. كما أن بيئات العمل التي تروج للروح الإيجابية وتحفز على التعاون والنمو الشخصي تخلق أماكن عمل أكثر إنتاجية وسعادة. في النهاية، "رأس المال السعادة" هو دعوة للاستثمار في الذات وفي الآخرين، ليكون النجاح المستدام هو النتيجة الحتمية.

تعليقات